خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2025م..بين المطرقة والسندان

تقرير : محمد حمود الشدادي
2.47 مليار دولار تكلفة خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2025م، لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة وخدمات الحماية إلى الملايين من ذوي الاحتياجات الخاصة، حسب ما أطلقته الأمم المتحدة وشركاؤها خلال النصف الأول من الشهر الجاري لهذا العام 15/يناير/2025م.
الأمم المتحدة دعت المجتمع الدولي (المانحين) إلى تقديم الدعم لتحقيق أهداف خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025م من أجل تخفيف معاناة الملايين في اليمن، وخاصة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، جراء النزاع المسلح الذي ما زال مستمراً، وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، إضافة إلى الأضرار التي تسببت بها الحوادث الطبيعية جراء التغيرات المناخية وحدوث الموجات المدارية على السواحل اليمنية، وهطول الأمطار وما رافقها من أضرار في قطاعات الزراعة والاصطياد السمكي وغيرها.
تخوفات الأمم المتحدة
أوضحت الأمم المتحدة أن 19.5 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات وحماية حيوية، وهو ما يمثل زيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إن الحاجة إلى معالجة أزمة اليمن أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، حيث يتطلب الاستقرار الإقليمي، جزئياً، تحقيق السلام في اليمن.
وحذر المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنيس، من أن أي تعطيل لمطار صنعاء الدولي قد يؤدي إلى شلل العمليات الإنسانية، لا سيما أنه المكان الذي يدخل ويغادر منه جميع العاملين في مجال المساعدات الإنسانية الدولية الذين يعملون في شمال البلاد.
تناقضات على المحك
النقص الحاد الذي شهدته الأمم المتحدة خلال الأعوام السابقة في تمويل خططها للاستجابة الإنسانية، مقابل الزيادة الحادة للاحتياجات الطارئة والخدمية للمجتمع، يجعل الخطة الإنسانية اليمنية بين مطرقة الأمم المتحدة وسندان المانحين.
في ظل عدم قدرتها على تلبية أدنى مستويات متطلباتها، نتيجة نقص التمويل المطلوب، حيث طالبت الأمم المتحدة خلال العام 2024م مبلغاً وقدره (2.7) مليار دولار لتمويل خطتها الإنسانية، في المقابل بلغ إجمالي ما أُعلن عن تقديمه مبلغاً وقدره (1.4) مليار دولار، أي بنسبة نقص 50٪ تقريباً، وهكذا السنوات التي سبقتها. هذا في ظل تمويل الاحتياجات الطارئة، ناهيك عن احتياجات البرامج والمشاريع التنموية والاقتصادية التي تسعى الحكومة والمجتمع اليمني بشكل عام إلى الانتقال بعمل المنظمات الأممية والمحلية من الجوانب الطارئة والإغاثية إلى جوانب التنمية المستدامة والإنعاش الاقتصادي للوحدات الإدارية على مستوى المحافظات اليمنية. وقد اختارت الأمم المتحدة محافظة تعز كنموذج في تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية 2024-2026م، مع تعميم التجربة على محافظات عدن وحضرموت ومأرب كمرحلة ثانية.

تطلعات حكومية
رئيس مجلس الوزراء، د. أحمد عوض بن مبارك، وصل نيويورك للمشاركة في الاجتماع الوزاري الدولي لدعم الحكومة اليمنية.
ومن المقرر أن تعرض الحكومة اليمنية لشركائها الإقليميين والدوليين رؤيتها للتعافي الاقتصادي والاستقرار، وخطتها للعامين القادمين، التي تحدد أولويات الإصلاح العاجلة وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة على مختلف المسارات، وإعادة صياغة أطر التعاون مع الداعمين والمانحين لتكون أكثر فاعلية.
وفي اجتماعٍ سابق لرئيس الوزراء الأربعاء الموافق 2025/1/15م مع فريق الأمم المتحدة بشأن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمحافظة تعز 2024-2026م، للوقوف على مسار الخطة وما أنجزته في عامها الأول، وأولويات العام الجاري، والإعداد لمؤتمر المانحين لحشد التمويلات للخطة، إضافة إلى دور القطاع الخاص في ذلك، وبحضور وزيري الإدارة المحلية حسين الأغبري والتخطيط والتعاون الدولي د. واعد باذيب، ومحافظ محافظة تعز نبيل شمسان، وفريق الأمم المتحدة، أكد رئيس الوزراء أن هناك جهوداً متواصلة للحكومة ومجلس القيادة الرئاسي لوضع المعالجات الضرورية للوضع الاقتصادي المتدهور، وآخرها إقرار خطة للتعافي الاقتصادي على المستوى الوطني.
وزير الإدارة المحلية حسين الأغبري أكد على ضرورة تقديم الدعم السخي وتكاتف الجميع (مانحين، منظمات أممية، القطاع الحكومي، والقطاع الخاص) نحو المشاريع والبرامج التنموية والاقتصادية للوحدات الإدارية وفقاً لقانون السلطة المحلية ولوائحه التشريعية.
مجدداً التأكيد الجاد على ضرورة تعامل المجتمع الدولي مع الحكومة الشرعية المسؤولة عن اليمن واليمنيين في مختلف أرجاء البلاد وخلق مبدأ الشراكة مع الحكومة في العمل الإغاثي والتنموي، ووقوف الجميع لتقييم الخطط وفقاً للكفاءة في استخدام الأموال والفاعلية في إنجاز الأهداف، واعتماد مبدأ الشفافية والمساءلة المجتمعية.

واقع التمويل وتحديات التنمية
ويرى خبراء اقتصاديون أن الدعم المقدم والمعلن عنه خلال المؤتمرات الخاصة بدعم الخطة الإنسانية لليمن لا يصل إلى خمسين في المئة من المبالغ المطلوبة لتغطية الاحتياجات، مقابل الزيادة في تدهور الوضع المعيشي وتفاقم الأزمة الإنسانية وغيرها من الصعوبات والمعوقات التي تواجهها اليمن.
إلى جانب ذلك، توجد العديد من الحواجز والموانع والشروط أمام هذه التمويلات، وعدم استغلالها بالطرق الرسمية والسليمة، فنسبة كبيرة من هذه المبالغ تذهب نفقات تشغيلية للمنظمات القائمة على تنفيذ المشاريع والبرامج المحددة، إضافة إلى الاشتراطات والقيود التي يضعها المانحون والمنظمات الأممية وغيرها من الأمور التي أصبحت تشكل عائقاً أمام تنفيذ خطط التنمية المستدامة للبلاد، الأمر الذي يجعل خطة الاستجابة الإنسانية كالمستجير من الرمضاء بالنار.
وفي ظل كل هذه الأوضاع والتداعيات غير المبشرة بالخير، يُحتم الأمر على الحكومة بذل الجهود لحشد الموارد لخطة الاستجابة الإنسانية، والعمل على متابعة الأمم المتحدة لتنفيذها مشاريعها وتسخيرها لما يجب من متطلبات الاحتياج اللازم للتعافي الاقتصادي، وجعل عمل المنظمات موازياً للعمل الحكومي وتنفيذ برنامجه الاقتصادي والخاص بالإصلاحات المؤسسية والاقتصادية للبلاد، وبذل الجهود وحشد الطاقات والاستغلال الأمثل للموارد الكامنة والإيرادات المتواجدة، والعمل على تنميتها وإنفاقها في الأوجه المخصصة لها وفق التشريعات والقوانين النافذة، وجعل عمل المنظمات الدولية والإقليمية جزءاً ثانوياً وكأداة مساهمة للنهوض بالعمل الحكومي والقطاع الخاص.
بالإضافة إلى خلق آليات واتفاقات مساهمة لترشيد الإنفاق عبر القنوات الرسمية للحكومة الشرعية وتنفيذ المشاريع والبرامج التنموية بالتنسيق مع الجهات الحكومية المركزية والسلطات المحلية.

مؤتمر المانحين 2025
وخلال الأيام المقبلة، ابتداءً من اليوم الاثنين الموافق 2025/1/20م، سيتم عقد مؤتمر المانحين بالشراكة مع بريطانيا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بالتوازي مع اجتماع مجلس الأمن الدولي.
وعلى هامش المؤتمر سيتم عقد عدد من الاجتماعات واللقاءات الحكومية مع عدد من مسؤولي الأمم المتحدة والمانحين والبنك الدولي لذات الغرض، لتبقى الآمال والتطلعات توحي بالأمل في ظل أجواء ملبدة بالغيوم، وإن غداً لناظره قريب.