من هم العلويين؟ وماذا يؤمنون؟ تاريخهم ودورهم في سوريا

العَلَويون، أو النصيريون كما يُطلق عليهم أحيانًا، هم طائفة دينية تعود أصولها إلى المذهب الشيعي الإسلامي. يعود تأسيس المذهب العَلَوي إلى القرن التاسع الميلادي على يد محمد بن نصير النميري، الذي يُعتقد أنه كان تلميذًا للحسن العسكري، الإمام الحادي عشر لدى الشيعة الإثنى عشرية. ومع ذلك، تطورت معتقدات العَلَويين بشكل مستقل، مما جعلها تختلف عن المذهب الشيعي التقليدي.
أين يسكن العلويين؟
يتركز العَلَويون بشكل رئيسي في المناطق الغربية من سوريا، خاصة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، حيث يشكلون الأغلبية السكانية في العديد من القرى والبلدات الجبلية. هذه المنطقة، المعروفة تاريخيًا باسم جبل العلويين، تُعتبر القلب الجغرافي والثقافي للطائفة. بالإضافة إلى ذلك، يتواجد العَلَويون في مناطق أخرى من سوريا، مثل حمص، وحماة، وريف دمشق، حيث يعيشون في تجمعات سكانية أصغر.

تتميز المناطق التي يسكنها العَلَويون بجمالها الطبيعي، حيث تقع بين الجبال الساحلية والبحر الأبيض المتوسط. هذه المناطق ليست فقط موطنًا للعَلَويين، بل أيضًا مركزًا لتاريخهم وثقافتهم، حيث حافظوا على تقاليدهم الدينية والاجتماعية عبر القرون.
عدد العلويين في سوريا
يُقدّر عدد العَلَويين في سوريا بنحو 1.7 مليون نسمة، مما يشكل حوالي 9% من إجمالي سكان البلاد. وعلى الرغم من أنهم أقلية دينية، إلا أن نفوذهم السياسي والعسكري كان له تأثير كبير على مسار الأحداث في سوريا، خاصة منذ النصف الثاني من القرن العشرين.
تاريخ العلويين:
تعود أصول الطائفة العَلَوية إلى القرن التاسع الميلادي، عندما أسس محمد بن نصير النميري المذهب العَلَوي، المعروف أيضًا بـ”النصيرية”. يعتبر العَلَويون أنفسهم جزءًا من المذهب الشيعي، حيث يرون أن ابن نصير كان تلميذًا للحسن العسكري، الإمام الحادي عشر لدى الشيعة الإثنى عشرية. ومع ذلك، تختلف معتقداتهم عن المذهب الشيعي التقليدي، حيث يؤمنون بفكرة الثالوث المكون من النبي محمد والإمام علي وسلمان الفارسي.
على مر التاريخ، تعرض العَلَويون لاضطهاد شديد، خاصة في ظل الحكم العثماني الذي نظر إليهم بازدراء واتهمهم بالانحراف عن الإسلام. وقد دفع هذا الاضطهاد العَلَويين إلى الانعزال في المناطق الجبلية غرب سوريا، حيث شكلوا مجتمعات مغلقة تحافظ على تقاليدها الدينية والاجتماعية بعيدًا عن السلطات المركزية.
معتقدات العَلَويين: بين الدين والثقافة
يتميز العَلَويون بمعتقدات دينية فريدة، حيث يؤمنون بتناسخ الأرواح ويعتبرون الثالوث المكون من النبي محمد والإمام علي وسلمان الفارسي من أهم مبادئهم. كما أنهم يعتبرون التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمَعَاد الأصول الخمسة للدين لديهم.
تحظر الطائفة العَلَوية الإفصاح عن الأسس التي تقوم عليها، تحت طائلة الإعدام. ولا يملك العَلَويون مساجد خاصة بهم، ولا يؤدون واجب الصيام لدى المسلمين ولا الحج، ويسمحون بشرب الكحول، فيما أن نساءهم لا يضعن الحجاب. كما أنهم يحتفلون بأعياد المسلمين والمسيحيين أيضًا.
يتهمهم خصومهم، سواء من الشيعة أو السنة، بأنهم يؤلهون الإمام علي، وهو ما ينفونه، مؤكدين أنهم يؤمنون بوجود “مسحة آلهية” في الإمام علي وأنه يمثل “التجلي الأخير لله على الأرض”.
الانتداب الفرنسي وصعودهم في الدور السياسي
مع انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى وبدء الانتداب الفرنسي على سوريا، شهد العَلَويون تحولًا كبيرًا في وضعهم. في عام 1920، أسست فرنسا منطقة حكم ذاتي للعَلَويين في سوريا، سعيًا منها لتقوية نفوذها عبر دعم الأقليات. وقد حصل العَلَويون خلال هذه الفترة على اعتراف ديني من الحاج أمين الحسيني، مفتي الديار الفلسطينية، الذي أصدر فتوى تعترف بهم كمسلمين وتدعو إلى التعاون معهم.
خلال هذه الفترة، بدأ العَلَويون في الانخراط في الحياة السياسية والعسكرية، حيث التحق العديد منهم بالأكاديميات العسكرية وتبنوا أفكار العروبة والعلمانية التي كان يروج لها حزب البعث. وقد مهد هذا الطريق لصعودهم كقوة سياسية وعسكرية في سوريا.
الذروة السياسية للعَلَويين
مع وصول حزب البعث إلى السلطة في انقلاب عام 1963، بدأ نفوذ العَلَويين يتزايد بشكل ملحوظ. وقد بلغ هذا النفوذ ذروته مع تولي حافظ الأسد، وهو عَلَوي، رئاسة سوريا في انقلاب عام 1970. أسس الأسد نظامًا استبداديًا اعتمد بشكل كبير على الولاءات الطائفية، حيث سيطر العَلَويون على المؤسسات العسكرية والأمنية، مما جعلهم الركيزة الأساسية للنظام.
حافظ الأسد أسس دولة بوليسية قمعية، حيث اعتمد على أجهزة الأمن والمخابرات لقمع أي معارضة. تميز نظامه بالفساد والتركيز على تعزيز نفوذ العَلَويين، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية في البلاد. وقد استخدم النظام أساليب مثل الاعتقالات التعسفية، التعذيب، والترهيب لإسكات المعارضين، مما جعل سوريا واحدة من أكثر الدول استبدادًا في العالم.
استمر هذا الوضع بعد وفاة حافظ الأسد عام 2000، حيث تولى ابنه بشار الأسد الرئاسة. وعلى الرغم من الوعود بالإصلاحات في بداية حكمه، استمر النظام في استخدام القمع كأداة رئيسية للسيطرة. وقد تفاقم الوضع مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث واجه النظام احتجاجات شعبية واسعة النطاق، مما أدى إلى تصاعد التوترات الطائفية. وقد قام النظام باستخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات، مما زاد من حدة الانقسامات الاجتماعية في البلاد.
سقوط نظام الأسد وبداية عهد جديد
بعد سنوات من الصراع الدامي، نجحت الثورة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد. وقد تم تشكيل حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع، دخلت سوريا مرحلة جديدة من تاريخها بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وقد وعد الشرع بإقامة نظام ديمقراطي يضمن حقوق جميع المكونات السورية، بما في ذلك العَلَويين. ومع ذلك، لا يزال العَلَويون يواجهون تحديات كبيرة في ظل النظام الجديد، خاصة فيما يتعلق بمكانتهم السياسية والاجتماعية.
يعيش العديد من العَلَويين في حالة من القلق بشأن مستقبلهم في ظل التغييرات السياسية والاجتماعية الجارية، بينما يسعى آخرون إلى تعزيز الحوار الوطني والمصالحة بين المكونات السورية المختلفة. وفي الوقت نفسه، تبقى الطائفة العَلَوية لاعبًا رئيسيًا في المشهد السوري، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي.
الجدير بالذكر أن الطائفة العَلَوية تعد جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوري، ولها تاريخ طويل من المشاركة في تشكيل هوية البلاد. بمعتقداتها الفريدة وتوزيعها الجغرافي المميز، تظل هذه الطائفة موضوعًا للدراسة والاهتمام. ومع استمرار التغييرات السياسية في سوريا، يبقى دور العَلَويين ومستقبلهم موضوعًا حيويًا في أي حل سياسي شامل للصراع.
المصدر : رواها 360