إلى مياد.. الابن الذي يضيء سماء الروح

فتحي أبو النصر:
مياد العزيز..
أكتب إليك، يا شابا ينمو في ربيع العمر، بقلب أب يحاول أن يلمس روحك بعاطفته.
هذه الكلمات ليست فقط رسالة، بل نافذة أفتحها لك على أعماق قلبي، عسى أن ترى من خلالها حجم الحب الذي أحمله لك ولأختك ولعائلتنا التي تشتتت بفعل الأيام والقرارات التي فرضت علينا.
ابني، إن الأب ليس مجرد شخص يعطيك اسمه أو يتحمل مسؤولية وجودك في الحياة، بل هو جذرٌ عميقٌ في تربة وعيك.
هو الذي يعلمك كيف تصمد في وجه الرياح، كيف تحب، وكيف ترى العالم بنظرة مليئة بالأمل والكرامة.
وجود الأب في حياة الابن ليس خيارا إضافيا، بل هو جزء أساسي من بناء النفس البشرية.
الأب هو الذي يمنحك تلك اللحظات التي تحفر في ذاكرتك لتكون دليلك في المستقبل: نصيحة صادقة، كلمة دعم، وحتى تلك الأخطاء التي قد تكون دروسا أعمق مما نتخيل.
لقد أخطأتُ، وهذا اعتراف لا ينقصني بل يزيدني إنسانية. الحياة يا مياد تُعلمنا أننا لسنا معصومين، وأن أعظم الشجاعة تكمن في الاعتراف بالخطأ والسعي لتصحيحه.
هذه الشجاعة هي ما أريد أن أقدمها لك اليوم، كي ترى في أبيك إنسانا مستعدا أن يبدأ من جديد، ليس لأجله فقط، بل لأجلك أنت وأختك، ولأجل لم شمل عائلتنا التي يجب أن تكون حصنكم الآمن في مواجهة الحياة.
أريدك أن تعلم، يا بني، أن عدم وجود الأب في حياة الأبناء يترك فجوة عميقة، ربما لا تراها الآن، لكنها تتجلى في لحظات معينة من حياتك.
اللحظات التي تبحث فيها عن كتف تستند إليه، عن صوت يخبرك أنك قادر، وعن قلب يشعر معك مهما كان ما تمر به. الأب هو تلك القوة التي تساعدك على أن تكون النسخة الأفضل من نفسك.
أعلم أن الموقف الذي نعيشه ليس بسيطا.
أعلم أن لكل منا روايته وألمه وتفسيره لما حدث.
لكن دعنا نتجاوز اللوم والجدال، ولننظر إلى المستقبل الذي نريد أن نبنيه معا.
أريدك أن تتحدث مع أمك بلسانك وقلبك، لتخبرها أن الانقسام ليس حلا، وأن الوقت الذي يمر الآن هو خسارة للجميع.
ليس من أجل أبيك فقط، بل من أجلك أنت وأختك، اللذين تستحقان أن تعيشا في دفء عائلة واحدة.
ابني، نحن نعيش في عالم معقد، مليء بالتحديات، وأريدك أن تعلم أن القوة الحقيقية تكمن في قدرتنا على إصلاح ما انكسر، وفي التمسك بالأمل حتى في أصعب اللحظات.
لقد تغيرتُ، وتعلمتُ من أخطائي، وكل ما أطلبه هو فرصة أخرى. فرصة لأكون أبا أقرب، وعائلة أقوى، ومستقبلا أفضل لنا جميعا.
أتمنى أن تأخذ هذه الرسالة، التي هي قطعة من روحي، إلى أمك. تحدث معها ليس بصوتي فقط، بل بصوتك أنت.
قل لها إن الحياة قصيرة، وإن الأطفال الذين يحتاجون إلى عائلتهم اليوم سيكبرون غدا، لكن الفراغ الذي يتركه التشتت العائلي سيبقى ندبة في قلوبهم.
مياد، كن الجسر الذي يعيدنا إلى بعضنا البعض.
كن صوت الحكمة والصلح. وأنا أعدك، من أعماق قلبي، أنني سأكون دائما، ليس كأب فقط، بل كإنسان يريد أن يبني معكم حياة جديدة مليئة بالحب والاحترام الذي لايعرف الحدود.
أبوك الذي ينتظر عودتنا كعائلة، بكل أمل.
تعز24 نوفمبر2024م
ارجو أن ترسلها الى عمي الفاضل نور الدين عقيل إلى الواتساب حقه.. هذه رسالتي أنا فتحي أبو النصر إلى ابني مياد ليطلع عليها، للأسف الشديد أمك من فضلت أن لانعود عائلة.. فكر معي جيدا بعد ثمان سنوات على الأقل اين ستكون أنت وأنا وهي واختك.. ستكون أنت بعمر خمسة وعشرين واختك بعمر خمسة عشر عاما وامك بعمر خمسين عاما وأنا بعمر ستة وخمسين عاماً.. يعنى أن كل واحد منا خسر الجميع.. أنت اخر طريق لإصلاح ذات البين.. الاستمرار في هذا التشرذم ليس لصالح أحد.. أنت واختك أكثر من سيتضضرر من خيار تصر عليه امك.. بالنسبة لي أنا مستعد لأي حكم تحكم به أنت بحيث نعود عائلة حرصا عليكم من الانهيار العائلي والآثار النفسية لللتشتت العائلي.. أنت واختك الوحيدان القادران على إقناع امكم الفاضلة على أن استمرار الوضع الحالي ستكونون انتم ضحاياه وهو خيار امكم.. وأنا أريد تبرئة نفسي أمامكم للتاريخ على أنها في حالة مكابرة ولايهمها كل مايحدث من تبعات مؤسفة.. صدقني ابوك تغير وكل انسان خطأ ويكفي شجاعة الاعتراف بالخطأ والالتزام بتصحيحه.. اريدك ان تتحدث مع أمك الفاضلة باسمي.
أبوك فتحي أبو النصر الذي يفتقدك واختك وأمك العزيزة ابها عقيل
تعز
24نوفمبر2024م