اسمٌ زائد عن الحاجة

وليد سند:

أسقطُ من حروف اسمي كما يسقط الثلج من غيمةٍ نسيها الشتاء.

لا شيء في هذي الحروف يدلّ عليّ

ولا يوجد في وجهي ما يُشبه معنى الاسم.

اسمي زائدٌ عن الحاجة

لذا تخلصت منه عند أول فرصة للهروب من نفسي

لا حاجة لي به..

فالحياة نفسها تهرب مني

وتُغلق أبوابها قبل أن تتعرف علي

لا أملك شهادة ميلاد

ولدتُ في قرية خارج الخريطة

الخريطة تُقدّس شجرة العائلة

“ابن فلان” تكفي عندي الحاجة

علاقاتي سطحية جدًا

لا أحتاج لاسمٍ فيها؛

أصحابي يكتفون بمناداتي : ( وليد الوليد)

“أل التعريف” لم تغير حالتي المادية

لا تكفي لسد الجوع

في مقابلةٍ للعمل فتح المدير سيرتي الذاتية

قرأ اسمي “وليد الوليد” وأكمل من عنده: ابن المغيرة!

من بين آلاف “أل التعريف”

خاصتي فقط زائدة ولا محل لها من التوظيف

لا تشبه شهادة التوفل

ولا تُجيزني عند نقطة تفتيش!

أل التعريف خاصتي مستعارة ولا تصلح إلا لإدارة حساب على فيسبوك.

لستُ ابن أحد،

لا أنتمي لشجرة عائلة ولا حفيد لقبٍ كان يُطلق على بيتٍ كبير

ثم تقلّص حتى صار اسماً على لافتةٍ قديمةٍ تُنفضها الرياح عند كل هبوب.

كلما ناداني أحد،

تذكرتُ أنني لم أختر اسمي،

جئتُ به كما يُؤتى بالحقائب المهترئة بعد رحلةٍ طويلةٍ.

اسمي لا يُقدّمني

لا يُؤخرني

لا يمنحني دورًا في مسرحية البلد

ولا حتى مقعدًا في الباص.

مرّ شرطي بجواري ولم يطلب التعرف علي

مرّ قاتلٌ أيضاً، ولم يطعنني

كأنني لست مسجّلًا في سجلات

الضحايا

ولم أكن ضمن ممن وقعوا في هذا الفخ الذي اسمه الوطَن!

أخفضُ رأسي في طابور المعاملات

كلّ الأوراق تتطلب رقمًا،

ختمًا،

توقيعًا،

نسبًا،

ولا أحد يسأل : هل أنتَ أنت؟

لا يحتاج لاسمي أحد

في هواتف الآخرين اسمي مجرد رقم

في المدرسة كانوا يطلبون اسم ولي الأمر

في الجامعة نسوه بعد التخرج

حتى الهوية فقدتها في شارع الجامعة!

هذا النص لا يحتاج لاسمي أيضًا..

عاقل الحارة يطلب اسم أمي بدلاً عنه.

واسمي الثلاثي أدّخرهُ فقط لشهادة الوفاة.

كم مرةً حاولتُ أن أُعرّف نفسي؟

فأخطأتُ اللغة،

أتوهُ بين ألفٍ زائدة،

ولامٍ لا تحمل سوى تعب السنين.

 

أفكر أحيانًا أن أعود إلى اللاشيء

أن أكون مجرد ظلّ

أو نَفَسٍ عابرٍ لا يحتاج إلى تعريف

أو هوية

أو ختم

ولا حتى إلى قبرٍ مكتوب عليه:

“هنا يرقد مجهولٌ فقد اسمه.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى