اقتلوا بناتكم، يرحمكم الله!

محمد البكري:
يا له من عبء! يا له من حمل ثقيل ألقته علينا هذه الكائنات التي يسمونها النساء! لقد كنا نظن خطأً أن مشاكلنا سببها الاستبداد والفساد أو الفقر و الجهل والأمية المتفشية، أو ربما فشلنا الذريع في إنتاج حتى مسمار واحد يمكن الاعتماد عليه.
لكن لا. لقد اكتشفنا الحقيقة الكبرى التي لا يريدوننا أن نراها، إنها المرأة، المرأة هي سبب كل شيء.
يجب أن نمتلك الشجاعة ونعترف بأن تخلفنا وجمودنا الحضاري ليس إلا نتاجاً لـجريمة وجود المرأة في مجتمعنا المحافظ، إنها هي المسؤولة عن كل ما نعيشه من التخلف.
والمعادلة بسيطة، ومحكمة، ولا تقبل النقاش، فهي إن ضحكت؟ تسبب كارثة أخلاقية لما وراء البحار!
وإن برزت خصلة من شعرها؟ تزلزل استقرار المجموعة الشمسية.
وإن ارتدت ملابس ليست بمواصفات القبيلة،ثارت الفتنة، واشتعلت حرب النجوم.
وإن درست وتفوقت وحصلت على وظيفة؟ فهذه مبادرة شيطانية لتدمير هدوء الرجل الذي اعتاد أن يكون هو الوحيد الذي يملك محفظة نقود.
وإن عبَّرت عن رأيها على السوشيال ميديا؟ فتلك مؤامرة كونية على سلامة مجتمعنا المحافظ.
وأكثر من هذا أنها تطالب بحقوقها، ولا ترى أن تلك محاولة صفيقة لخرق الصمت المقدس المفروض عليها، وتهديد مباشر للرجولة التي بعضهم يسميها استهتاراً منظومة القهر.
إنها دائماً، وأبداً، رمز الفتنة والإغواء والعار والعيب والفضيحة ولا أحد غيرها مسؤول عن دوران الارض حول الشمس. كل هذا الدوار الكوني بسببها.
إنها ناقصة عقل ودين وربما ناقصة فيتامينات أيضاً، لكن المهم أنها ناقصة، وهذا النقص يسمح، لأصحاب العقل والكمال في المجتمع المحافظ بتطبيق أقصى درجات السلطة حرصاً عليها، فهي لا تعرف مصلحتها.
لماذا نتعب أنفسنا في بناء اقتصاد سليم أو إصلاح التعليم؟ طالما أن المرأة موجودة وتتنفس وتفعل أي شيء، فكل جهودنا محكومٌ عليها بالفشل سلفا.
النظرية الذهبية للخلاص من كل فشلنا، بسيطة ومريحة وهي الخلاص من المرأة، اقتلوا بناتكم، يرحمكم الله لأجل حماية المجتمع المحافظ.
لا تتوهموا أنكم حمقى، ولا تصدقوا أنكم مجتمع مهزوم ومقهور على كل المستويات، مهزوم أمام التطور، مقهور أمام الإنجاز، مهزوم أمام التاريخ، مهزوم أمام الحضارة.
ولا تعترفوا أن القهر يولد القهر، وأن عجزكم وإفلاسكم هو ما يدفعكم لأن تمارسوا القهر على الأضعف في الداخل.
كل ما سيقال لكم عن مواجهة أخطائكم هراء، حتى لو قيل لكم أن شيئاً من ذلك سببه أنكم تبقون نصف المجتمع معتقلاً ومحاصراً نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، بينما النصف الآخر يتحوَّل إلى جيش من الرقباء والمتفرغين للملاحقة والإدانة.
لا تلتفتوا إلى من يقول: نحن نقضي وقتنا وطاقتنا بالكامل في معارك جانبية سخيفة لا علاقة لها بالواقع، مثل: هل صوتها “عورة”؟ هل قيادتها للسيارة “عورة”؟ هل وجودها في الغرفة ذاتها “عورة”؟.
استمروا، حتى فيما يسميه المغرضون الفصل العنصري السخيف بين الذكور والإناث، واجتهدوا في وضع المرأة في مكانة أدنى تليق بها، لأنها مسؤولة عن كل شيء حتى عن تخلفنا.
لا تصدقوا المقارنات بين تقدم المجتمعات المارقة غير المحافظة التي نبحث عن فرص للهجرة إليها ليلاً ونهاراً، وبين مجتمعاتنا المحافظة، لا تصدقوا أن تلك المجتمعات، حين أطلقوا للمرأة العنان للمشاركة في الحياة والإنجاز، لم يحدث انهيار أخلاقي ولا جفاف اقتصادي.
لا تصدقوا أن تلك المجتمعات نهضت لأنها تفرغت للإنجاز والإنتاج بدلاً من التفرغ لملاحقة شعر امرأة أو ضحكتها.
لا تصدقوا أنهم أدركوا ببساطة أن طاقة نصف المجتمع ليست مجرد فتنة يجب محاصرتها، بل هي محرك اقتصادي واجتماعي يجب إعطائه حقوق المواطنة والاستفادة من قدراته.
تلك مقارنات مرهقة، ولذا، يجب أن نعود إلى الحل الجذري الذي يريحنا من عناء التفكير والتطور، يجب أن نستمر في تحميل المرأة أوزار الكون ومشاكله. يجب أن نرسخ فكرة أن عار العائلة يُغسل بدماء المرأة فقط، وأن تخلفنا الاقتصادي والاجتماعي سببه أننا لم نسيطر على المرأة بما فيه الكفاية.
وإذا فشلت كل محاولات الحصار والملاحقة النفسية والفكرية في إعادتها إلى المكانة الأدنى التي تناسب مجتمعنا المحافظ، وفشلنا في قتلها اجتماعياً، نفسياً، وحضارياً، فعلينا قتلها جسديا، وذلك لكي نستريح نحن، ويستريح المجتمع المحافظ.
اقتلوا بناتكم يرحمكم الله!
فقتل المرأة هو الحل الوحيد لإنقاذ المجتمع المحافظ،
وليس مهماً السؤال: مماذا ينقذونه؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى