الباعة والسوق الافتراضي

صفوان القاضي /
أصبح العالم الافتراضي مُمِلاً للغاية، رغم الكم المُتاح فيه بِشتى الانسيابات ومختلف الأنسجة، بحيث لا أحد يريد أن ينصت ولا يسمع إلا لِزفير همسه، وتمتمة بؤسه الخافت وأمله الموؤود في حكاية العدم.
هنا تجلَّت الكثير من الحقائق وكُشِفت التورية وبانت المواربة بالتعري أيضًا، وعُرفت الكثير من الأقنعة على حقيقتها بظواهر الشفافية.
فهنا وبشدة يُروَّج التدليس وتنشر الشائعات، ويحظى من خلف ذلك التافهون والأوغاد بالعدد المُهوِّل من الإعجاب. على هذا الكوكب ما شهدناه من بلاهة وتضليل وهمي، يُدار من خلف الشاشات –وبدمٍ بارد وأصابع مرتجفة– ربما، كُلاً حسب غايته.. فهو عهر بوجهين، إحدهما تطبيقي والآخر افتراضي، وكِلا الوجهين لِعُملة واحدة.
فهنا تُنتحل الشخصيات البارزة ويباع الوهم، وتبنى العلاقات الزائفة. تحت مسميات فاخرة لاستقطاب ضحايا الطيبة — أولئك الذين لا زالوا قيد الفطرة، والباحثون عن بصيص أمل يُنير غياهب دُروبهم، ربما. فكم من ضحايا وقعت في فخ الابتزاز وضحية النصب والاحتيال، ناتج علاقة زائفة تتنكَّر باسم الحب في البداية، وينتهي بها المطاف بفضيحة.
فهنا تباع الضمائر لِتُجنى الأرباح وتُموَّل الهفوات لِتُستعرَّض الترندات، ويُتاجر بالقضايا بالمزاد العلني أمام الرأي العام، ولا غرابة من ذلك.
“فهنا نِعمة ونِقمة، وما بين هاتين يكمن المغزى، بسلاسة الاختيار والإرادة”
هنا فضاءٌ حافلٌ بالمخاوف، ثريٌ بِتعدُّد الغايات والمقاصد. كسوقٍ تتوفر فيه كافة السلع، ومقهى تتسع مقاعده للجميع، وبمزايا التخفيض والسهولة، وهناك المزيد.