العمل على تعديل القوانين ضرورة لا ترف

في عالم سريع التغير، تتبدل فيه القيم وتتطور فيه العلاقات وتتعقد فيه المصالح، لا يمكن أن تبقى القوانين ثابتة في وجه واقع متغير.

فالقول بأن “ثياب اليوم المناسبة، غداً قد لا تكون مناسبة” هو تشبيه دقيق يعكس حقيقة قانونية مهمة: فكما تتغير مقاسات الثياب لتناسب مراحل العمر، يجب أن تتغير القوانين لتناسب تطور المجتمع واحتياجاته الجديدة.

أولاً: القانون منظومة تتجدد مع الزمن

القانون ليس نصوصا جامدة تكتب ثم تنسى، بل هو منظومة متجددة تتفاعل مع الحياة وتعاد صياغتها كلما تغير الواقع.

ولهذا، فإن مراجعة القوانين وتعديلها تعد من أهم ضمانات استمرارية العدالة ومواكبتها للعصر.

ثانيا: دوافع تعديل القوانين

-مواكبة التطورات الاجتماعية والتقنية والاقتصادية، فالعالم اليوم يواجه تحديات جديدة لمواجهة الجرائم المستحدثة كجرائم الانترنت والابتزاز الإلكتروني .

  • سد الثغرات القانونية التي تظهر في التطبيق العملي وتستغل للتحايل أو الإضرار بالغير.

  • تحقيق العدالة الناجزة وتبسيط الإجراءات القضائية بما يحفظ الحقوق ويعزز الثقة بالقضاء.

  • تعزيز الشفافية والمساءلة بما ينسجم مع مبادئ الحكم الرشيد وحقوق الإنسان.

ثالثا: مخاطر الجمود التشريعي

الجمود التشريعي يضعف هيبة القانون وفعاليته. فالقانون الذي لا يتغير مع تغيّر المجتمع يفقد صلاحيته بمرور الوقت، ويصبح عاجزا عن معالجة القضايا المعاصرة.

وكما أن الثوب الذي كان مناسبا بالأمس قد لا يلائم صاحبه اليوم، كذلك النص القانوني إن لم يُراجع ويحدث، يصبح غير ملائم للواقع ومتطلباته.

رابعا: نحو تشريع عصري وفعّال

تحديث القوانين لا يعني نقض القديم، بل تطويره وتجديده بروح منفتحة ومسؤولة، مستلهمة من التجربة، ومحافظة على المبادئ.

وتحقيق ذلك يتطلب تعاونًا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومشاركة فاعلة من القضاء ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأكاديمية، حتى يأتي التشريع معبرا عن الواقع لا منفصلا عنه.

في الأخير: نداء الى المشرع اليمني

لقد أصبح من الضروري اليوم في اليمن أن يعاد النظر في كثير من القوانين القائمة، التي وضعت في ظروف مختلفة ولم تعد تلبي متطلبات الحاضر.

فالمجتمع اليمني يشهد تحولات عميقة في البنية الاجتماعية والتقنية والاقتصادية، مما يفرض الحاجة إلى مراجعة شاملة للتشريعات، وإصدار قوانين جديدة تواكب المتغيرات وتحمي الحقوق وتدعم التنمية.

إن تحديث القوانين ليس خيارا، بل هو ضرورة وطنية لإرساء العدالة وبناء دولة القانون والمؤسسات، فالقانون الذي يتجدد هو القانون الذي يبني المستقبل، ويحمي الإنسان من أن يصبح أسير الماضي.

فلتكن رسالتنا:

العدالة لا تتحقق بنصوص جامدة، بل بتحديث التشريعات لتستجيب لمتغيرات الواقع ومتطلبات العدالة الحديثة نحو يمن آمن ومستقبل أفضل .

د.سوسن الحضرمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى