المسؤولية الجنائية لنشر تحقيقات النيابة للمستشار/ د. صالح المرفدي

رواها 360:

لوحظ مؤخرًا قيام بعض الإعلاميين، وبعض المحاميين، وكذا بعض ناشطي حقوق الإنسان، ومرتادي وسائل التواصل الإجتماعي، بتكرار إساءة إستخدام تلك الوسائل، عن طريق إفشاء أسرار التحقيقات التي تجريها النيابة؛ مما قد يتسبب بنشر أكاذيب أو الترويج للشائعات فى حق قضايا لا تزال قيد التحقيق أمام النيابة، لا سيما القضايا الماسّة بالعرض والشرف!

ومما لا شك فيه، أن إفشاء أسرار تحقيقات النيابة تمثل جرائم تتعارض مع مبدئى حرمة الحياة الخاصة وسرية التحقيقات (م ٢٥٧ عقوبات)، لذلك، فقد فطن المشرّع اليمني لخطورة تلك الأفعال، و واجهها بعقوبات لردع مرتكبيها (م ١٢١ إجراءات).

وفي هذا السياق، نؤكد أن الغاية والهدف من سرية التحقيق، هي إبقاء قرينة البراءة على ما هي عليه، والمتمثله بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم محكمة! وأن مصلحة التحقيق تقتضي تمكين الحصول على الأدلة بدون بلبلة أو اثارة الرأي العام، ومنع العبث بالأدلة، أو التأثير على الشهود، وكذا حماية بيانات المشتبه به والمجنى عليه، بما فيها نشر نتائج تقارير الطبيب الشرعي، لا سيما جرائم الاغتصاب وهتك العرض!!

ونؤكد هنا، ان إفشاء أي معلومات خاصة بالتحقيق على وسائل التواصل الاجتماعي، من شأنها أنتهاك حرمة الحياة الخاصة لأى طرف من أطراف التحقيق بما فيها نشر أخبار أو صور أو أسماء، بل أنها تعد من جرائم التشهير حتى لو كانت صحيحة!!! (م ٢٩٢ عقوبات).

وقد يساهم – أحيانًا – بعض من مأموري الضبط القضائي، أو رجال البحث والتحري وجمع الاستدلالات، أو عضو النيابة نفسه بتسريب أسرار إجراءات التحقيق، والقرارات التمهيدية والتحضيرية الملحقة به، كنشر مضمون أقوال اطراف القضية، أو الشهود، ونتيجة تقرير الطبيب الشرعي ونحو ذلك.. فإن المسؤولية الجنائية تكون على عاتقهم أكبر والعقوبة أشد؛ لأنها من قبيل جرائم إفشاء أسرار الوظيفة بصفة عامة، وجرائم إفشاء أسرار التحقيقات بصفة خاصة.. ولا يعفيهم مبررات حسن النيه، أو الاحتجاج باسطوانة تهدئة الرأي العام (م٢٥٨ عقوبات يمني).

وهنا ننوه! حتى لو أذن من ذكروا بالنشر، فإن المسؤولية الجنائية لنشر تحقيقات النيابة تكون ثابته وبقوة القانون (م١٢١ إجراءات جزائية يمني ، م٢٥٨ عقوبات يمني)، بعكس النشر لإجراءات المحاكمة، فتكون مستندة لمبدأ علانية جلسات المحاكمة من حيث الآصل، مع اقترانها بإذن قاضي الحكم الناظر للقضية.

لذلك، نؤكد دومًا أن الجرائم الماسّه بالعرض أو الشرف خط أحمر، وننصح بالتوقف عن نشرها، فدعوا العدالة تأخذ مجراها!!

✍️ المستشار/ د. صالح المرفدي ،، عضو المحكمة العليا اليمنية

ملاحظات/
(م) = مادة

\"\"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى