تفاصيل رحلتي في مؤتمر الحوار الوطني للشباب ترانزيت من فندق سبأ إلى لندن

شوقي نعمان:
قبل أربع سنوات من اليوم، وكما أتذكر، كان هناك مؤتمر سُمي حينها بمؤتمر الحوار الوطني للشباب الذين تم اشراكهم مبدئيًا في عميلة السلام وتدربيهم على صناعة الحلول.
وقد سيقت مجرياته التنظيمية على نحو محاصصة حزبية بين أطراف ومكونات سياسية مستقلة، إضافة إلى بعض منظمات المجتمع المدني، وذلك كله، بدعم من وزارة الخارجية البريطانية..
اتصلت جهتي إحدى الرفيقات العزيزات من اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني..
وكان أن أخبرتني حينها إنه تم ترشيحي لتمثيل شباب الحزب بعد أن وقع الإختيار على اختيار ثانٍ لنائبة من عضوات الحزب الإشتراكي اليمني ” رفيقة “، وهو ما دعم حالتي الشخصية وأبرز ثنائية الحزب ودوره التنظيمي الكبير في القطاع النسائي، وموجز القول أن هذه الفتاة كانت تملك خبرة في الشأن السياسي وكاريزما قوية لعبنا خلالها دورًا كبيرًا في وسط سياسي هو خليط من أحزاب وجماعات سياسية يمنية.
وكوني، آنذاك، كنت سكرتيرًا لدى القطاع الطلابي في العاصمة صنعاء، أتصلت بدوري لأكثر من رفيقة ووقع اختياري بالإسم على ” نوال جميل “، ونوال تمتلك بالإضافة لما لديها من جوانب وروافد ثقافية سياسية، تملك أيضًا، لغة إنجليزية ولأن الحوار سيكون في ستة أشهر في لندن وستة أشهر في فندق سبأ.. فهي المطلوب إثباته في جسد المعادلة السياسية الشبابية رِفقتي.
المهم ” تم تعبئة الاستماره التي استغرقت فيها وقت طويل جدا نتيجة الاسئلة الطويلة المتنوعة وتلك الأخرى البحثية أو إن صح أنها كانت تشبه البحوث في طريقة تقصيها ونفاذها ونعدها حاليا في الماستر ..!!
” معلش ” يا أصدقاء، أريد اقلكم أنا تمهيدي علوم سياسة ولسى ما حضرت ولا دفعت رسوم..
بعد ما خلصنا ورسلنا الاستمارات وتم عقد إجتماع مصغر في اللجنة المركزية ومناقشة المواضيع والقضايا التي ستطرح، وكيف نرتب لها وكيف نكون الأكثر حضورا وألقاً.. كان من باب الشفافية أن تم إخبارنا أن هناك بدل مصاريف، في اليوم الواحد ” ١٠٠ يورا “..
يا سلالام يا شوقي شكلك تخارجت : قلت لنفسي حينها، وزدت برحانية شرقية عربية يمنية في آن، قلت لنفسي: شكلها دعوة الوالدة..
والرب فاتح باب أرزاقه لا يغلقها واستجابته سريعة.
اليوم الأول وانت ساكن في بيت درج تحت عمارة مهجورة
ولا تملك إيجار مواصلات للكلية واليوم رصيدك باليورو،
أرزاق، واضحكوا معي ..
طيب ١٠٠ يورو في ٦ أشهر باليمن وستة أشهر بلندن،
يا سلام، المعنويات مرتفعة، وهي فرصة لاغراء صاحب معرض السيارات الذي اثقلت عليه بوجبة الغداء وأنا طالب لابد أن أشعره بالفرح قليلا، كان همي، كيف أقنعه أني رجل صادق، لذلك لابد وللضرورة أوريه الاستمارة تم تم
” ثم ما يهمك خلاص إعرف أحلى سيارة ” : رنت الجملة داحل أذني بلسانه وأنا أتوقع ليس .
إحجزها من الآن حتى لو سافرت بجيب لك نص المبلغ والباقي لمن ارجع من لندن لاننا اشتي اسدد أصحاب عربيات البطاط والمقوت وصاحب البقالة والمكتبة، وقدنا أشتري لعمرو الجعادي بدل الشميز حقه يوم شليته كلع شاروح به الاجتماع وأرسل للوالدة بمبلغ تطعم فلوس الحزب وبريطانيا.
و عشنا جو خواجه عند صاحب المعرض أتغدي وأنا اهدر فرح ومش عادتي الهدرة كانت، وانا من قبل كنتو دائمًا واصل ساكت، مخوش…بنشتري سيارة والغداء أعتبرها
دلاله ولا ماشتيت.هنجم يا شوقي هنجم..
هيا كيف يا اشتراكي متى مسافر عاده نرتب بس ،مر الاسبوع الأول، الثاني الثالث، هيا وكيف
الرجال ضاق به الصبر
وفي نفسه يقول والله مافي منك غير الدبور يا مدبر.
شفت الرجال معصب، ماعاد يخلينا اهدر، قلت لازم أغير الطريق، الشوارع كثير،ولابد أن آتي من الشارع الثاني هذه المرة،صح وجهي أغبر مشقدرش أكذب أننا قد سافرت بس لازم اجي اشتري سيارة لاي شخص واقله بسجله باسم صاحبي او قريبي لأني بتركه عنده،
ولا يجلس يذلني بحقه الغداء ويسألني بكل صباح ومساء ايش سويت..
لحظة لحظة…
نسيت اقلكم بموضوع قبل هذا…
كان في واحد سلتوح مش عارف كيف يروح يقطع بطاقة ويصغر عمره بالبطاقة عشان يثبت إنوو أحق بالفرصة مني.
المهم ما قصرت باشرته بحوار وطني كان بمثابة كف ثلاثي الأبعاد.ويا حبيبي طاب علمك ولا عاد شفته …
بصوت عادل إمام ” وعيونك متشوف إلا النور “.
المهم جلست أحرضني، من الداخل صوت واحد فاضي جالس مع نفسه : شوقي عليك ان تقرأ في الشأن السياسي أكثر عليك أن تترك قراءة هيجل والفلسفة الماركسية والأزمة البرولتيارية والشيوعية الجديدة الصينية، في الصين طبعًا، مس عندنا، الوقت يحتاج لقراءة متغيرات الأحداث والازمة اليمنية ومنعطفات شخصيات وحكومات عقود مضت منا تاربخنا.
إن صناعة السلام أشبه بنفخ البالونات عند مدربي التنمية البشرية ..
ضروري يا شوقي تسأل متى عنبداء
قد تنسى ما قرأت من شدة فرحك… بس بتتخارج.
قرأت حينها بإفراط وتغيبت عن محاضرات الجامعة كثيرا،
كأن من يسألني عن سبب الغياب، الرد سريع، أنا مسافر لندن لتمثيل شباب الحزب في مؤتمر الحوار الوطني.
لا يمكن الرد بكلمة مسافر فحسب.
عليك أن تستعرض قدراتك وثقة الحزب بك وكيف يهمك أمر الوطن ..!، شهر مضى، وبعده شهر يا شوقي، جرب اتصل.. اسأل..
آح وآح .. في حاجة
يمكن اختاروا غيرك !!؟
تقول يا أحمد أخي معقول يبيعوا القضية والنضال وتضحية ثلاث سنوات بالقطاع واستقطاب شباب وفعاليات وخبر وعلم ..
- تأكد بس ما بتخسر شيء
- يا رفيقتي العزيزة ايش المشكلة بالضبط ليش تأخر الموعد ؟؟في خلاف حول تواجد مكون حزب الإصلاح بين الرفض والاعتراض، طيب يا رفيقة الحوار ما يصح الا بكامل الاطراف نفسه نفسه النكاح ما يصح إلا بالرضا والشهود..
عنشوف كيف نتفاوض معهم …خير خير
فرصة يا شوقي تزيد تقرأ أكثر ولا تروح ديوان الخرساني والدائرة ١٦ تستفيد وطبيعي تثير موضوع للنقاش والرفاق مافيش معهم مكسب غير أنهم مثقفين وعندهم وعي سياسي وفكري ومخزون ادبي عالمي الفكر والمسار..
الو.. نوال ايش قرأتي حول البرنامج..؟
والله معي اختيار مش فاضي حاليا بخلص وأرجع أقرأ
ضروري تهتمي الركنه مالك مِنه لازم نُبيض وجِيه القيادة
واللجنة المركزية سهل سهل قدك انت الكل بالكل ..
خبرلك يا احمد ….
الشهر الثاني بدأ يعدي النصف منه، يالطيف
كيف نواجه من كذبنا عليهم ووين نروح من الفشرة والله هذه البلاد لا تسعني، أين أروح، صدق…!
طيب على الأقل وين نروح من زبج عمرو الجعادي وذي تعب يكتب معي الاستمارة وقد اتفقت معه أنسق له مع الناصريين يختاروه ضمن مكون الشباب تبعهم.
ليلك الليل ياليل
شوقي الاختبارات تبدأ وانت لم تحضر ولم تعرف جدول الامتحانات سهل متعود هكذا امشيها سنوات نحن أبناء الفرص ولسنا رداءة الغباء المستمر في كلية متهالكة وشوارع لا تقي اقدامك من الالتهاب بالمشي ووطن لا يعرف قرقرة امعاءك من الجوع ..
علينا أنا نناضل لأجل الفرص .
زيد جرب اتصال او رسالة واتس ….رفيقتي العزيزة
مساء النضال الممتد من تاج سبأ إلى لندن عاصمة صناعة السلام والاحلام .هل من جديد؟؟
والله في مؤشرات إنهم يؤجلوا بسبب تداعيات كورونا !!
يا سنة الدبور والقحط من أين ظهر لنا هذا كورونا المخنث..
سهل يالله نروح نختبر وننتظر بداية العام الجديد
طيب وكيف نواجه اسألة الفضوليين ليش ما سافرت ؟؟
ياخي لا تسأل هذا يعتبر فضول ولا نزل منشور استباقي
بأن من يسأل عن راتبك وسفرك وسكنك يعتبر فضول وتدخل في الخصوصيات….
وعليها كم نبرر وكم نصبر ؟!!!
انتهى شيء إسمه الحوار وضاعت ١٠٠ يورو وضعنا وضاعت البلاد واحلامنا معها واختفت الرفيقة وتزوجت النائبة إلى لندن دون جهد او قلق.وتلاشت الرغبة في السفر وايقنت في صنعاء عاصمة الروح المؤبد ومنها واليها نحيا ونموت.
أيام وشهور وسنين مرت على الانتظار
ومرّ الحوار مرور الكرام، كأنما هو السراب ما كنت أشاهده
فما الذي كنت أشاهده حقًا ؟!.
تتلاشى الأحلام، تذهب الفرص كذرات رمل في هبوب أعتى رياح التغيير، ويضيع العمر، نتعب، ونواصل ذلك، االتعب ولا سواه، يضيق بي الحال هذه المرة في جامعة صنعاء ويحاصرني الرفاق بالأسئلة والفلسفة والشعر والتنظير…
ما الحوار ؟ وهم،ما العمر ؟وهم ، ما الاحلام ؟وهم ما الوطن ؟حرب وجوع وخدعة..ما الحبيبة؟عذابات وحنين.
تعريفات ومسميات، وتعريف للتعريفات وتسمية للمسميات، وثالثة لثانية ورابعة لثالثة وأفكار، إنه عالم يضج هنا وهناك، والحال تعب
تتلاشى الأمنيات الخضر
تضيع لحظات العمر بلا جدوائية مريرة، مريرة ..
يموت الشغف ببطء، الحبيبات يغادرن يسافرن، وبلا رجعة
هذه المرة.
يالهذا الوطن المعجون في دواخلنا حبا وانتمائا وعشقا !..
علينا اللعنة نحن الصادقون بالحب !
علينا الغضب نحن المعلقون بالاحلام والامنيات !..
إن ما يؤلم حقًا، بعد أيام وأحلام، أن تأتي الفرص وقد فقدنا الرغبة وشاخ عمر جواز السفر، علينا أن نثبت أقدامنا بتراب هذا الوطن ونفكر بطريقة أخرى،
ثم إن صنعاء عاصمة البلاد منفانا الوحيد…!
منذ فترة ايقنت أن
الحوار خدعة
والسلام خدعة
والحب خدعة
والوطن كذبة
والحبيبة وطن
والحزب منفى
والحرب نجاه بالموت
والرفاق مبدأ
والرحيل خيار أسمى..
أحفظوا عني هذه الكلمات الأخيرة، حدثوا بها بعضكم، أنا شوقي نعمان، إنسان بأحلام منتظرة، بعيدة جدًا ومريرة جدًا.
شوقي نعمان
كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع ريشة