رحيل الشاعر د. سلطان الصريمي

كتب أصيل الصليحي : رحيل الشاعر د. سلطان الصريمي
خسارة فادحة تعرض لها اليمن لن تعوض أبدًا..
لن ترزق البلاد بشاعر آخر من طينة الصريمي.. يمثل امتدادًا لشعر الصريمي وروحه
بل سيظل اليمن والقصيدة الصريمانية معًا في حدادٍ أبدي منقطع النظير..
و”مش كذا طبع من نحبهم” ياصريمي،
مش كذا تفارقنا وأنت الذي قال:
“الحروز انتهى دورها
والمواسم
تُزّيد جراح المفارق جراح”،
مش كذا ترحل تاركًا في قلوبنا هذا الحزن الذي لادواء..
نعم، أنا واحد من أولئك الذين تعاطوا القصيدة الصريمانية بفرط، ثملت وسكرت بها لحدود قصوى لاتوصف.
لم أعرف النبيذ بحياتي قط
لكني أدمنت الشعر، شربت كثيرًا من نبيذ “أبجديات البحر والثورة”، ويكأن شعر الصريمي لدي بالفعل نوع آخر للخمر..
رحمة الله تغشاك صريمينا الجميل، ففي حياتي لم أحب شاعرًا كأنه أبي الروحي قط إلا أنت في اليمن، وشاعر آخر، الشاعر السوري محمد الماغوط.
ايه، إنك الظاهرة الشعرية التي لن تتكرر أبدًا، الهاجس الذي لن يعود، الحرف الفصيح، القريحة التي لن تنسخ أبدًا،
لن نرى مجددًا في طريق الزمن الوعر قافلة شعرية يقودها شاعر يشبه الصريمي، على الأقل، وكذا الماغوط، شاعر يطعمنا بحروفه ومعانيه وحكمه، يحمل الشعر كما شجرة مثمرة ومليئة بفاكهة ما لذيذة، هكذا هو شعرك، ويشبه كثيرًا سلل غذائية في منازل وبطون الفقراء
في وطن الجوع والحرب والمرض، وأشجار مثمرة ومليئة بالفواكه.
” ودعتكم
والوصية بين شِعري مقاطع
حاكيتكم حرف حرف
والحرف من داخلي
يخرج مُغسّل بدمُّه
مُش حرف يا الله طلبناك
خيطّت بين الحروف
منديل ذكرى وذكرى
منديل يمسح دموعي
لو خانهن صبرهن
منديل جافي كبير
لا تقطعه موس ظالم
ولا وقيد الجوى تُحرقه
غزلت لي بين خيوطه
حياة تحمي ضياعي
وداخله صوتكم والعناد الجميل
داخله صبركم والفجائع
والقدر حين تسقط دموع الوجع
ينتظر من لسان المُعذَب
اشارة مرور…
ينتقم
ينتقم
ينتقم”