رحيل سلطان الصريمي: انطفاء قنديل الشعر اليمني

كتب همدان الحقب:

في سماء الأدب اليمني، كان سلطان الصريمي نجماً لا يخفت بريقه، شاعرًا غنى للحياة، للوطن، وللإنسان البسيط، حتى صار صوته جزءًا من ذاكرة اليمن الجمعية. واليوم، وقد غاب عنا، نشعر وكأنّ شريانًا حيويًا قد انقطع، تاركًا وراءه فراغًا مهيبًا، لا يملؤه إلا صدى كلماته وإرثه الإبداعي.
الصريمي لم يكن مجرد شاعر، بل كان ضميرًا وطنيًا متوهجًا، ينسج الحروف كمن يحيك وطنًا على مقاس الحلم. بسطورٍ بسيطة وعميقة، أعاد صياغة وجدان شعب، وجعل من قضايا البسطاء شعراً يسكن القلوب، ومن آلامهم أغنياتٍ تُلهب الروح.
كان صوت الصريمي حاضراً في كل لحظة تحول، يُذكّر الناس بما يمكن للكلمة أن تفعله: أن تُحرر، أن تُلهم، أن تضيء عتمة الطريق. لم يكن الصريمي شاعرًا صامتًا يقف على أطلال الكلمات، بل كان شعلة متقدة، يزرع الأمل وسط الحطام، ويهدي القصيدة لقلب كل من يحتاجها.
برحيله اليوم، فقدنا ذاكرة ناطقة، وحارسًا للأغنية اليمنية الأصيلة التي تُغني للحب والنضال. ولكنه لم يمت حقًا، فالشاعر يبقى خالدًا في قلوب من أحبوه، وفي كل سطر تركه خلفه، يروي فيه حكايات الأمل، والوجع، والانتصار على اليأس.
اليوم، نبكي سلطان الصريمي، ولكننا نبكيه بكبرياء، لأنه لم يرحل كأي إنسان. بل انطفأ كقنديل أضاء طريقًا طويلًا، ليترك لنا نوره دليلًا، في زمنٍ تزداد فيه الحاجة للصدق والشعر والنقاء.
سلام عليك، يا سلطان الحرف، يا سادن الوجدان. رحلتَ بجسدك، لكن روحك باقية في كل بيتٍ تغنيته، وفي كل قلبٍ أنرته بحروفك المضيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى