سقطرى.. جزيرة السلام وكنز التراث المتنوع

أسماء العليمي – سقطرى /
في قلب المحيط الهندي ، وعلى مرمى البصر من القرن الإفريقي ، تتربع جزيرة سقطرى كجوهرة يمنية فريدة ، تزخر بكنوز طبيعية وثقافية قل نظيرها في العالم.. فهي ليست مجرد جزيرة ، بل حضارة متجذرة في عمق التاريخ ، تحتضن ثقافةً أصيلة ، وحياةً مسالمة ، وتراثًا غنيًا يعكس تنوعًا فريدًا في اللهجات والعادات والتقاليد.
•ثقافة أصيلة وهوية مستقلة
يتميز المجتمع السقطري بثقافة فريدة حافظ عليها أبناؤه رغم تغيرات الزمن .. فالجزيرة ، التي بقيت نسبياً بمعزل عن التأثيرات الخارجية لقرون طويلة ، طورت نمط حياة متجانسًا ، يجمع بين البساطة والعمق الحضاري . من الفنون الشعبية إلى الحرف اليدوية ، ومن الأزياء التقليدية إلى المرويات الشفوية ، تشكل الثقافة السقطرية ركيزة قوية للهوية المحلية ، ومصدر فخر واعتزاز للسكان.
•الحياة المسالمة.. نموذج للتعايش والتناغم
تُعرف سقطرى بأجوائها المسالمة وأهلها الطيبين الذين يعيشون في تناغم قلّ نظيره.. فلا وجود لصراعات قبلية أو نزاعات فكرية تؤثر على نسيج المجتمع . بل تسود علاقات التعاون والتكافل بين السكان ، حيث تلعب القيم الدينية والأعراف الاجتماعية دورًا محوريًا في تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي. هذا الجو السلمي جعل الجزيرة بيئة مثالية للعيش ، ومصدر جذب للباحثين والسياح على حد سواء.
•تنوع التراث.. فسيفساء من العادات والطقوس
التراث السقطري غني بتنوعه ، ويشمل مزيجًا من الطقوس الزراعية والممارسات البحرية والمناسبات الاجتماعية التي تتميز بطابع خاص . فالرقصات التقليدية كـ “هدانا ” و ” تنوتر” تُمارس في الأعراس والمناسبات القبلية ، إلى جانب الأهازيج التي تُتلى بلغات ولهجات محلية تعبّر عن الروح الجماعية. كما أن المطبخ السقطري يعكس تنوع البيئة ، إذ يستخدم مكونات محلية كالأسماك والأعشاب والتمور بطريقة تقليدية لا تزال تحافظ على نكهتها الأصيلة.
•تعدد اللهجات.. دليل غنى لغوي فريد
رغم صغر مساحة الجزيرة ، إلا أن اللهجات السقطرية تتنوع بتنوع مناطقها الجغرافية. فهناك لهجة حديبو ولهجة مومي ولهجة قلنسية ولهجات المرتفعات والبادية وغيرها ، تندرج كلها تحت مظلة اللغة السقطرية وهي لغة سامية جنوبية تُعتبر من أقدم اللغات في العالم ، وتحمل في طياتها مفردات فريدة وأساليب تعبيرية لا توجد في أي مكان آخر.
•ختامًا .. جزيرة تستحق أن تُروى حكايتها
سقطرى ليست مجرد بقعة جغرافية نائية ، بل هي لوحة حضارية متكاملة ، تسكنها أرواح تنبض بالسلام ، وألسنة تتحدث تراثًا غنيًا ومتعددًا . الحفاظ على هذه الثقافة المتنوعة وتعزيزها مسؤولية جماعية ، تبدأ من الوعي المحلي وتنتهي بالاهتمام الوطني والدولي . سقطرى هي حكاية تستحق أن تُروى ، وصوت يستحق أن يُسمع ، وهوية يجب أن تُحفظ.