صمت البنك المركزي مرة أخرى وتلاعب الصرافين … كتب صابر الجرادي

رواها360:

في المناطق المحررة التي تخضع لسيطرة الحكومة المركزية، شهد سوق الصرافة تقلبات خطيرة أضرت بالاستقرار الاقتصادي وأثّرت سلبًا في حياة المواطنين.

نلاحظ تدخلات غير مشروعة من بعض الصرافين الذين مارسوا المضاربة أو أداروا عمليات شراء أو بيع نقدي خارج نطاق السعر المحدد من البنك المركزي، منذ البارحة ما أدى إلى اختلال في العرض والطلب، وتلاعب في العملة المحلية، وتغييرات بين الصباح والمساء في الأسعار. هذه الممارسات ليست مجرد مضاربة اقتصادية، بل تتقاطع أحيانًا مع غسيل الأموال وتمويل الإرهـ. ـاب، وهي قضايا يتطلب التعامل معها حزمًا وحذرًا سويًا لضمان حماية المواطنين والاقتصاد الوطني..

مقالات ذات صلة

في هذا المقال التفصيلي، سوف احاول تناول المشكلة كإقتصادي:

طبيعة المشكلة: تلاعب بالصرف ومضاربة تخريبية منذ بداية الحرب

في مناطق تخضع لسيطرة الدولة والمناطق المحرّرة، يفترض أن الصرافة تتم وفق السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي، بهدف ضبط السوق وحماية المواطنين من تقلبات متطرفة. لكن للأسف:

كنا قد لمسنا ضبطًا من البنك قبل فترة لكن ما حدث منذ البارحة حتى هذا المساء 31 أغسطس يؤكد أن هنالك خلل، وأن بعض شركات الصرافة مارست المضاربة، تشتري دون أن تبيع الدولار والسعودي خارج السعر الرسمي، بهدف تحقيق أرباح سريعة.

علما أن هذه الممارسات تخالف القوانين وتعزز السوق الموازي، ما يؤدي إلى تدهور قيمة العملة الوطنية، وارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي.

فعندما تُخفى أو تُحتجز الأموال بعيدًا عن البنك المركزي، فإننا أمام حالة واضحة من (غسيل الأموال أو تمويل أنشطة مشبوهة)، بما في ذلك الإرهـ. ـاب.

لهذا، من الضروري أن يتم إغلاق مثل هذه الشركات فورًا، ومحاسبتها وفق القانون، لوقف نزيف الاقتصاد وصون المؤسسات الشرعية.

المواطن العادي: خسارته في نطاق المسؤولية الفردية

في هذه المعادلة، يجب أن نفرق بين:

المواطن البسيط الذي يعتمد علىما يرسله المغتربين الذي لم يكن في حاجة فعلية لصرف العملات، أو ساهم لحظة معينة بناءً على شائعات أو ظروف غير مدروسة.

هذا المواطن معرّض الخسارة بسبب تقلبات السوق، لكنه لا يتحمّل عقوبة قانونًا كمن يتلاعب عمدًا..

من وجهة نظر الأخلاق العامة، خسارة الأموال في مثل هذه الحالات لا تستدعي التدخل القانوني أو التعويض – بل إنّها مخاطرة أخذت بمحض إرادة، حتى بدون سوء نية واضحة، فهذا ما يقوله القانون، لكن يجب أن تعمل الحكومة على التصريح،وهذا ما غاب منذ البارحة، ويؤكد أن المشكلة في الحكومة التي كان يجب عليها أن تعمل على رفع مستوى الوعي، وعدم تحميل المواطن ما لا طاقة له به..

دور البنك المركزي والحكومة ضبط تدريجي يحافظ على القطاع المصرفي الحقيقي

لتحقيق الاستقرار المنشود، يجب أن يكون التدخل من البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة وفق توهج تدريجي ومدروس، بحيث يكشف عن “خيوط اللعبة” في سوق الصرافة. إذا تبين أن شركات أو أفرادًا ينفذون مضاربة منسّقة أو يعملون كذراع بديلة لجماعات إرهابـ. ـية، فيجب معاقبتهم فورًا..

لكنه في الوقت نفسه يجب أن يدشن إجراءات تدعم القطاع المصرفي الحقيقي وليس اقتصاد الظل: من خلال تزويد البنوك بالصرف الأجنبي بالأسعار الرسمية، لضمان تغذية السوق الشرعية..

كل تحسّن في سعر الصرف يجب أن يُصاحب بقرارات مصرفية دقيقة؛ مثل دعم تمويل التجارة والسلع الأساسية، وضبط رصيد المصارف، وتوفير النقد الأجنبي للمستوردين الرسميين بيسر.

الاتصال بالمواطنين عبر التوعية وتوضيح أن السوق المحكوم من قبل الدولة هو الطريق الوحيد للاستقرار. بذلك، لا يستفيد مضاربون من ضعف الرقابة أو من غياب التوعية.

إذًا، ما الذي جرى؟ ثمة احتمالان:

١.تدخل جماعة الحوثي

قد يكون هنالك توجيه من عناصر تتبع جماعة الحوثي للتأثير على السوق. يمكن أن يكون الدافع سياسيًا أو تمويليًا:

عبر شراء كميات نقدية كبيرة بسعر منخفض، ثم بيعها لتحريك سعر السوق لصالحهم.

أو لتحويل الأموال خارج نطاق الدولة وتركيع الاقتصاد المحلي.

٢.صرافون كبار في ورطة

أما السيناريو الآخر، فقد يكون عائدًا إلى تجمّع مالي ضخم لبعض الصرافين. هؤلاء ربما تكبّدوا خسائر بفعل “تحسّن سابق” في سعر الصرف (زادت قيمة العملة فجأة)، ومن ثم سعوا لتعويض خساراتهم عبر شراء كبير بانتظار مضاربة جديدة.

كلا السيناريوهين يدعو إلى وقفة سريعة:

في الحالة الأولى، لعبت قوة غير شرعية دورًا في السوق – وهو تحريك سياسي مبطّن.

وفي الحالة الثانية، الأمر مرتبط بنفوذ مالي مدعوم أو متراكم، لكن موجه لتحقيق مكاسب على حساب البلد والمواطن.

من وجهة نظري نحن بحاحة لحلول تنظيمية وتقنية وتوعوية

أ. على مستوى التشريع والمراقبة

سن قوانين صارمة تغلظ عقوبة المضاربة غير القانونية وغسيل الأموال المتصلة بسوق الصرف. مثلنا حدث منذ في الشهر الماضي.

تفعيل آليات الرقابة: اعادة المراقبة الفورية لكل شركات الصرافة مرة أخرى، والإبلاغ عن أي تداول يتجاوز الحدود المحددة أو يتم دون إذن..

إغلاق فوري للشركات المخالفة، ومصادرة الأرباح المتأتية من البيع أو الشراء خارج السعر الرسمي، مثلنا حدث مسبقا..

ربط الصرافة بالبنوك الحكومية أو المرخصة التي خضعت لتدقيقات مالية مشددة.

ب. على مستوى البنك المركزي والقطاع المصرفي

ضخ العملة الأجنبية للبنوك بمعدلات كافية، وبالسعر الرسمي، لتلبية الحاجة الشرعية للإستيراد والتحويل.

ضمان تكافؤ الفرص: إذ لا يتم تفضيل “بنك معين” على آخر، مما يمنع احتكار التدخل في السوق.

استخدام أدوات الاستقرار مثل التدخل في السوق المفتوح، وتقديم قروض مرنة للمستوردين.

عرض بيانات شفافة للمراقبين والمواطنين عن مستويات العرض والطلب والتدخلات.

ج. التوعية والتثقيف

حملات إعلامية واضحة: توضيح أن الصرف الرسمي هو الخيار الآمن، وأن المضاربة تأتي بخسارة وكوارث اقتصادية.

توعية الجهات التجارية والصناعية لعدم الاعتماد على السوق الموازية رغبة في الربح السريع.

إرشادات للمواطنين: تفادي الشراء الفوري لمن لا يحتاجون إلى الصرف، واللجوء إلى القنوات الشرعية فقط.

د. التصدي للتدخلات السياسية أو الاقتصادية المشبوهة وعدم تكرارهامثلما حدث اليوم.

• تحقيقات خبيره: مباشرة فتح تحقيقات للكشف عن أي تواطؤ بين صرافين أو ناشطين سياسيين بهدف الاستثمار بالعملة خارج الإطار النقدي الرسمي.

• تنسيق أمني ومدني: بين الجهات الأمنية، البنك المركزي، وزارة المالية، والمخابرات، لضمان محاسبة من يعبث بالاقتصاد.

• عقوبات مالية وأمنية: لمن يُثبت أنه يتبع جماعة خارجة عن القانون أو يهدف لزعزعة الاستقرار الاقتصادي.

في النهاية، المواطن الذي خسر أموالاً لم تكن ضرورية له، لا يعرف كمجرم أو مدان بل شركات الصرافة،التي تعبث بالاقتصاد، وتخبئ الأموال بعيدًا، وتمارس المضاربة خارج الأطر، فقد أبعدت نفسها عن العدل، وهذا ما يستدعي الإغلاق والمساءلة..

على البنك المركزي والحكومة أن يكونا العقبة الصلبة في وجه كل من يحاول اختراق السلم المالي.. ذلك عبر إجراءات تدريجية- مثل السابق ليست قفزات مفاجئة مثل التي حدث اليوم.

وان تعمل مرة أخرى على القضاء الفوري لمضاربة الصرافين المخالفين.

مع دعم الثقة في القطاع المصرفي الحقيقي. وأن تحماي المواطنين، ولا سيما ذوي الحاجات الحقيقية فقط من لا يوجد غير المغتربين يعيلونهم.

وأن تعمل على كشف أي يد سياسية أو اقتصادية تعبث بالعملة والدولة. أما الرأي العام لأجل يتم الحذر منه.

إذا نُفذت هذه الخطة بشفافية وصرامة وثبات، فإننا سنشهد تحسنًا تدريجيًا في سعر الصرف، تنعكس فوائده على التمويل، التجارة، القدرة الشرائية، وفي النهاية على حياة الناس.

صابر الجرادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى