صورة وذكريات

هذه العربية كانت مصدر دخلي الوحيد في العام 1993. كتبت عليها بفرشاة رنج “الأحمدي للتجارة”. وبسببها دخلت الحبس للمرة الوحيدة في حياتي. حبس البلدية جوار سوق معياد. لمدة ساعة أو أقل. ثم أفرجوا عني وعن مصدر دخلي الوحيد.
كنت أبيع السجائر والشوكلاتا وأذاكر وأكتب القصائد. وكنت قبل منتصف الليل أغلقها وأربطها بسلسلة إلى أية كمبة. ثم أظل طوال الليل أحلم أنهم سرقوا العربية. وحين أراها في الصباح أحمد الله تعالى وأشعر أني ولدت من جديد.
كنت أُقرض أشخاصا لا يعودون. وأحيانا أتعرض لعمليات نصب ذكية جدا من أجل باكت روثمان. وأغلبها تمت حينما كنت وعربيتي في ميدان التحرير على مدخل باب السبح، أمام محل السوداني للالكترونيات ومجوهرات الحاشدي.
في 93 كانت الأزمة السياسية على أشدها، بين العليين (علي صالح وعلي سالم). وفي هذا المكان الذي التقط لي فيه الزميل أنيس القدسي هذه الصورة، (جولة تعز حيث حراج العمال)، كتبت قصيدة اشتهرت أيامذاك، وهي موجهة للعلييْن. كتبتها على ورق السجائر، وقد ألقيتها للراحل الكبير عبدالله البردوني في منزله برفقة زميلي أنيس. وهذه بعض أبياتها:
ستار البين منسدلُ
وروح الشعر تنفعلُ
وها أنذا أناشدكم
ندائي كلُّه أملُ
أناشدكم وفي شفتيّ
روحُ الشعب تبتهلُ
وفي عينيّ أغنيةٌ
يلحّنُها ليَ الأجلُ
أيا صُناعَ وحدتنا
ويا من للرُّقى نزلوا
صنعتم مجدَنا هيا
دعوا الأفراح تكتملُ
دعوا الواشين تقتلهم
وشاياتٌ بها اقتتلوا
ولا تبقَوا كما فعلت
نجومٌ قبلكم أفلوا
أضاعوا النصرَ من يدهم
وقبل مجيئهم رحلوا