عدن.. جمرة الشوق المضيئة في موقد الروح

كتب أصيل الصليحي: عدن.. جمرة الشوق المضيئة في موقد الروح
ينتابني الحنين إلى مدينة عدن، إلى الليالي الجميلة في سواحلها، وإلى قلعة صيرة صباحا، في اللحظات الأولى من بزوغ الضوء، لقد كنت أبدد الليالي بالسهر والمذاكرة ومراسلة الفتيات بغرض الرغبة في الحديث معهن لسبب ولا سبب، أقرأ لهن القصائد، أكتب لهن رسائل الحب في مذكرة الهاتف دون إرسالها لهن، وكان ما أن يبدأ الغبش ويلوح الضوء أقوم بارتداء بنطلوني الجينز الأزرق، وأمسح وجهي بالماء، وبسرعة أرتدي أي حذاء في صالة السكن وأخرج إلى الشارع وأنا أشعر بالسعادة تغمرني جراء ذلك، حيث أغذ الخطى مشيا على الأقدام من كريتر إلى قلعة صيرة وكلي دهشة وأمل مع كل خطوة، لقد كنت أشعر بسعادة فارقة تغمرني مع كل صباح..
أتذكر فتاة جميلة كانت تمارس الطقس ذاته من جانبها، تقوم بذات الأمر، وبذات الدهشة والسعادة، بما في ذلك انتهاء المشهد بشراء الزلابية مع الشاي العدني أو اللبن بلهجتها العدنية
كانت تشاركني شرب السيجارة، تخرج حبة من باكت الكمران الأبيض، تشعلها بولاعتها ذات اللون الذهبي، وتبدأ بجر الأنفاس منها وجذب انتباهي إليها، إلى شفاهها الوردي، عينيها الزرقاويتين، وجهها الأبيض، وفمها الأحمر، وشعرها الأسود، هكذا ألوان تستطيع أن تكون البديل الأمثل للعلم اليمني الذي يرفرف عاليا في سماء الوقت، وكانت قامتها الطويلة سارية العلم التي تنتصب بساحة قلبي الوطن الحزين، لقد كانت فتاة جميلة وتجيد الخطابات الروحية بطريقة ذكية ومذهلة جدا، بيد أن الأمر يثير الغبطة داخلي وأنا أتذكر مشهد العشق الحر ذاك، وثالوث الجمال الموزع بين زرقة السماء وزرقة البحر وزرقة عينيها، وأكثر من ذلك أنها كانت تغازلني بدخان السجائر الذي تنفثه نحوي كتورية حب، كرسالة لايمكن أن يقرأها أحد، لأنها مكثفة النكهة، من النوع الذي يشم ولايقرأ.