كتب د. ياسين سعيد نعمان: اختلفوا ، تنابذوا ، قالوا في بعضهم ما قاله مالك

رواها 360:
اختلفوا ، تنابذوا ، قالوا في بعضهم ما قاله مالك ، وما لم يقله ، في الخمر .. قسموا المجتمع ، وليس الطبقة السياسية فحسب ، بين موالٍ وخصم (لا بين مؤيد ومعا ض) ، ثم احتكموا الى الشعب ليقول كلمته فيما أبدوه وما اعلنوا القيام به مستقبلاً . وقال الشعب كلمته .
سارع بايدن بذكاء إلى انتزاع مايكروفون النصر السياسي من يد ترمب ، ليعيد المسألة إلى مربع “أخلاقي” ويعلن تسليم السلطة بطريقة سلسلة ، تبدأ باستقبال ترمب في البيت الأبيض ، مذكراً خصمه المنتصر بموقفه في انتخابات ٢٠٢٠ ، وهو ما تم يوم أمس ، حيث بدا الرئيسان -الفعلي والمنتخب – في حالة من التوافق النفسي ، ترمب منتصر سياسياً وبايدن منتصر “أخلاقياً ” ( طبعاً انتصار الإثنين هنا سواءً سياسياً أو أخلاقياً يقتصر على الشأن الأمريكي الداخلي ) .
تركوا وراءهم ركاماً من تفاهات السياسة التي ستسجل هذه الحقبة من التاريخ السياسي الأمريكي على أنها حقبة اختبار حقيقي لقدرة الديمقراطية على تخطي ما تخلفه السياسة من أضرار بوحدة المجتمعات حينما تذهب أطراف الصراع في خصومتها إلى التفتيش في التركيبة العرقية للمجتمعات لتستعين بها في حصد المزيد من الاوراق لتحقيق المكاسب السياسية .
تصافح الزعيمان ، واستمتعا بدفء اللحظة التاريخية التي انتقلا فيها من المواجهة إلى المصالحة ، لكن الديمقراطيين الذين ذرفوا دموع الهزيمة محال أن ينسوا صرخات التشفي التي انطلقت من معسكر الجمهوريين وهي تعكس شيئاً مضافاً إلى النصر السياسي وجديد عليه ، وهو ما يعني أن الزعيمان لم يقوما سوى بتسوية شخصية لا يمكن لها أن تردم الهوة التي خلقت داخل المجتمع الأمريكي والتي تسبب فيها مفهوم للسياسة أخذ يجر التنوع والتعدد السياسي والثقافي إلى صراعٍ ينتهي بانقسامات اجتماعية .
من صفحة الكاتب على فيسبوك
