كتب عبدالباري طاهر: المناضل التقدمي عبد الفتاح إسماعيل

عبدالباري طاهر:

حسنًا فعل رفاق فتاح في «منظمة الشهيد جار الله عمر» في صنعاء، و«منتدى الحداثة والتنوير» في إحياء الذكرى الثامنة والثلاثين لاستشهاد المناضل والفادي الأكبر عبد الفتاح إسماعيل.

الشهيد عبد الفتاح إسماعيل الجوفي ابن قرية الأشعاب- عزلة الأغابرة (حيفان)، بطل من أبطال الثورة الوطنية التحررية، وعلم من أعلام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، ورمز من رموز الأدب والثقافة في اليمن والوطن العربي.

ابن الفقيه الجوفي الذي يجد نفسه متدربًا في مصافي النفط في البريقة يصبح أحد قادة النقابات الست كعامل من عمال المصافي، وعضو سري في حركة القوميين العرب كأحد القادة المؤسسين أواخر خمسينيات القرن الماضي.

يعمل مدرسًا في بعض مدارس عدن بعد تلقي تعليمه التقليدي على يد والده الفقيه، ونيله قسطًا من تعليم حديث في مستوى معين.

يعتقله الإنجليز بتهمة التحريض ضد الاستعمار، وما أن انفجرت ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962 حتى أصبح هذا العنصر الحزبي متفرغًا للكفاح الوطني؛ فقد تبنت الجبهة القومية الكفاح المسلح عبر ميثاقها الوطني، وكانت ثورة سبتمبر إلى جانب الدعم القومي المصري، ودعم المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي حينها- بداية التحضير لحرب التحرير، ولثورة الرابع عشر من أكتوبر.

في 24/ 2/ 1962 حصل اجتماع في دار البشائر بصنعاء حضره ما يقرب من أكثر من ألف شخص من حركة القوميين العرب، وحزب الشعب الاشتراكي، وعدد من الجنود والضباط الفارين من الخدمة في الجنوب، وانتخب قحطان الشعبي رئيسًا للمجلس، وفيصل عبد اللطيف الشعبي مسؤول الشئون التنظيمية، وعُيِّن عبد الفتاح إسماعيل في العام 1965 عضوًا في هذه اللجنة باعتباره المسؤول السياسي والعسكري عن جبهة عدن، والمطارد من القوات البريطانية.

يصعب الحديث عن الفادي عبد الفتاح بمعزل عن نضالات النقابات الست، والعمل السري، وقيادته للكفاح المسلح في مدينة عدن التي اضطلعت عبر سنوات الكفاح المسلح بدور مجيد في حرب المدن، وشكلت تجربتها أنموذجًا رائعًا في تجارب حروب التحرير الشعبية وحركات التحرر الوطني.

فتاح من رموز الثورة اليمنية وصناعها، ثم إنَّ تجربة حرب التحرير الشعبية في الجنوب لنيل الاستقلال الناجز تمثل الأنموذج الثاني عربيًا بعد الجزائر، وتعد هذه الثورة أنموذجًا رائدًا في تجارب شعوب القارات الثلاث التحررية.

كان فتاح أحد أعضاء الوفد المفاوض لنيل الاستقلال برئاسة الزعيم قحطان الشعبي، وعضوية فيصل عبد اللطيف الشعبي، ومحمد أحمد البيشي، كما كان واحدًا من أهم منظري الجبهة القومية، وواحدًا من أهم رموز اليسار الداعين للاشتراكية العلمية، ومن أكثرهم انفتاحًا وتحاورًا مع فصائل اليسار الثلاث: التنظيم السياسي، والاتحاد الشعبي الديمقراطي، والطليعة الشعبية، ومثّل ثنائيًا مع رفيقه عبدالله عبد الرزاق باذيب في الريادة للدعوة لتأسيس الحزب الطليعي، وتبني الاشتراكية العلمية.

تبوأ فتاح مواقع عديدة في قيادة الجبهة القومية، والتنظيم السياسي، وتفرد بزعامة الحزب الاشتراكي كمؤسس، وكأول أمين عام.

كان إلى جانب المفكر الماركسي الرائد عبدالله عبد الرزاق باذيب في طليعة الدعوة للسلم والتضامن، وتبوأ مراكز مرموقة في مجلس السلم العالمي.

ابن الفلاح الفقير الآتي من قبائل الجوف إلى قرى الأعروق ينتقل إلى عدن، وبذكاء مدهش، وعزيمة قل نظيرها، وإرادة وفدائية- يصبح في زمن قياسي قائدًا عُمَّاليًا، وفدائيًا باسلاً، ومنظرًا ماركسيًا، وزعيمًا قوميًا وأُمميًا، ومثقفًا وأديبًا وشاعرًا وشهيدًا خالدًا وعظيمًا.

في أكتوبر من العالم 1978 عُقِدَ مؤتمر في عدن ضم إلى جانب عبد الفتاح إسماعيل، وعلي ناصر محمد -كممثلين للتنظيم السياسي- ممثلين عن فصائل اليسار الخمس الماركسية في الجمهورية العربية اليمنية، ممثلة في حزب الوحدة الشعبية، وجرى تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، وانتخب عبد الفتاح إسماعيل أمينًا عامًا للحزب.

المجد والخلود للقيادي المناضل الكبير عبد الفتاح إسماعيل في ذكرى استشهاده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى