كشف الخداع والكذب

✍️ كتب البروفيسور أيوب الحمادي.

وافقت منظمة البحث الألمانية (DFG) على تمويل مشروعنا لمدة ثلاث سنوات إضافية، يهدف إلى استكشاف أساليب مدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف الآلي عن الخداع والكذب؛ على سبيل المثال في مؤتمرات الفيديو، ومكالمات المبيعات، والاستطلاعات الإلكترونية، والمناقشات، أو البيانات الشفوية وغيرها. وبخلاف أجهزة كشف الكذب التقليدية، فإن تركيزنا هنا هو على تقنيات غير تلامسية، وغير مزعجة، ولا تتطلب اقترابًا من الطرف الآخر، وهي مناسبة لمواقف الحياة اليومية.

ولدعم هذا المشروع، قمنا أولًا بإنشاء مجموعة بيانات فيديو مخصصة للتجارب الاقتصادية والتفاعلات البشرية، استغرق جمعها ثلاث سنوات من الجهد المتواصل. والآن أصبح لدينا ما يشبه “كنزًا معرفيًّا” سيكون له تأثير كبير في مجال الذكاء الاصطناعي في هذا المجال تحديدًا. كما أن تصميم الخوارزميات وغيرها من الأدوات قد تم خلال السنوات الماضية، وقمنا بنشر عدد من الأبحاث العلمية حولها. والهدف المشترك مع قسم الاقتصاد هو دراسة الخداع البشري في سياقات واقعية طوعية، مثل الادعاءات المبالغ فيها حول المنتجات. وبجانب استخدام أدوات تحليلية كلاسيكية، نقوم بمقارنة نماذج التعلم العميق الحديثة، وندرس كيف يستجيب الأشخاص لكشف الخداع الآلي، وما مدى تأثرهم به. وهنا يُجسد هذا المشروع تعاونًا متعدد التخصصات بين التعلم العميق، والتعلم الآلي التقليدي، والاقتصاد التجريبي، بهدف طويل الأمد هو تعزيز تفاعلات رقمية أكثر عدالة.

إن كشف الخداع والكذب مجال معقد ويحتاج إلى خبرات متعددة التخصصات اكتسب اهتمامًا متزايدًا مع التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي. ولذلك، تم اتخاذ قرار باستمرارية دعم الوظائف والتكاليف المتعلقة بالمشروع من قبل منظمة البحث الألمانية، بعد عملية تحكيم استمرت عشرة أشهر. ورغم أن اختبارات كشف الكذب التقليدية ما زالت مستخدمة، إلا  أنه لنا نريد استكشاف أساليب آلية وأقل تدخلًا تعتمد على الرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي، ليس فقط في مجال علم الجريمة ومراقبة الحدود، بل بشكل متزايد في السياقات الاقتصادية أيضًا. ففي الأسواق الرقمية، يمكن أن يسبب الخداع – مثل الادعاءات المضللة حول المنتجات – ضررًا للمستهلكين وللمزوّد الشرفاء على حد سواء. ومع أن الناس يثقون بأن لديهم القدرة على كشف الكذب، فإن الأبحاث تظهر أن هذه الثقة غالبًا ما تكون وهمية، وأن دقة الإنسان لا تتجاوز كثيرًا الصدفة. ولذلك نحتاج انظمة ذكية تكشف الناس وتعاملتهم على حقيقتها كما نتحدث في السياق.

لذلك، يمكن للأنظمة الآلية التي نطورها أن تقدم دعمًا حقيقيًّا وقيِّمًا في التفاعلات عن بُعد وإذا ما تم استخدام كاميرات حرارية أو كاميرات تعمل في نطاق الأشعة تحت الحمراء أو الموجات المغناطيسية مثل سي واس، فسنكون حينئذٍ أمام نتائج مذهلة، لأننا سنتمكن من قياس أشياء كانت حتى الآن غير قابلة للتصور. ايضا يستكشف هذا المشروع أيضًا القدرات والقيود  القانونية التي تتمتع بها أنظمة كشف الخداع، بالإضافة إلى تأثيرها المحتمل على المجتمع عندما ندرك أن هناك من يكتشف الخداع والكذب وبدقة. لدينا الآن ثلاث سنوات إضافية لتحقيق ما نطمح إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى