لأنه الأب والقدوه والمعلم والإنسان قبل كل ذلك

كتب الدكتور/ أمين عبدالخالق العليمي

رواها 360:

محطات جميلة في حياتنا كنا نعتبرها من الأسرار ولروعتكم وذوقكم أصدقائي والقراء والمتابعين احببت أن اشاركها معكم.

طبعً في حياتنا، هناك لحظات محفورة في الذاكرة، ليست فقط لأنها كانت استثنائية، بل لأنها كانت تحمل في طياتها مزيجًا من الطرافة والرعب، وهذا ما يجعلها تبقى عالقة في الأذهان كصورة قديمة تُعرض في متحف الحياة.

قصتي مع (الكونغ فو والجودو)

لم تكن مجرد رحلة رياضية، بل كانت مغامرة سرية، مغلّفة بالكتمان كأنها مهمة سرية لا ينبغي أن يعرف بها أحد.

كنت أمارس هذه اللعبة كهاوٍ، بعيدًا عن أعين الجميع، لا يعلم بها إلا القليل من أصدقائي المقرّبين.

كنت أجد فيها متنفسًا وشغفًا ، ولكنها كانت أيضًا عالمًا خفيًا لا أريد أن يقتحمه أحد.

ظللت أتدرب بعيدًا عن الأنظار، وأتفادى المشاركة في البطولات لأبقي شغفي هذا في إطار الهواية البحتة، ولكن جاء اليوم الذي لا مفر منه:

بطولة كبيرة للحصول على التصنيف والحزام شعرت أن هذه اللحظة كانت تتحدى سرّيتي وتطلب مني أن أخرج إلى النور، وتحت إصرار المدربين ومدربي وصديقي الكابتن مروان كونغ فو هكذا كان يطلق عليه، وكانت البطوله ستقام في ملعب الشهداء بتعز الحالمة ، المدينة التي تحلم بكل جميل، وتحمل كل جميل ولا زالت، وقلت في نفسي يا أمين المشاركة كبيرة والمشاركين كثيرين ولا أحد سيعرف بمشاركتك، ومن انت؟ حتى تخاف من الظهور كل هذا الخوف شارك وبسم الله وعلى بركة الله، لكن يجب أن تكون مشاركتك بنائه ومُشرفه.

كل شيء كان يسير على ما يرام حتى جاءت المفاجأة الكبرى: حضور الوالد الدكتور رشاد العليمي ضيف شرف، وهو ومحافظ المحافظة من سيكرمون اللاعبين، والذي كان حينها مدير أمن محافظة تعز، الرجل الذي كنت أعتبره أبي الثاني، والذي كان يثير في داخلي رهبة لا تختلف عن رهبة مواجهة أبي.

رأيت الدكتور يدخل القاعة، وكان حضوره كفيلًا بأن يجعل جميع خلايا جسدي تعلن حالة الطوارئ، كنت قد حضرت للمباراة بكل حماس، ولكن بمجرد أن التقت نظراتي بحضوره في المدرجات ، شعرت أنني لم أعد في بطولة رياضية، بل في استجواب أمني!

تجمّدت في مكاني، كل تلك الحركات التي تدربت عليها، كل تلك الليالي التي قضيتها أتخيل نفسي بطلًا لا يُقهر، تبخرت فجأة، كنت أفكر: ماذا لو وقفت في المدرجات أمامه للتكريم كم المقياس الذي ستغوص بي الأرض أمامه؟ ماذا لو اكتشف أنني كنت أمارس هذه اللعبة دون علم أحد؟ ماذا سيقول لي وكيف سيواجهني؟ هل سيبارك أو يا ترى أكون جاهز لتلقي صفعه من يده؟

هكذا كنت أفكر واتوقع وكأني أمارس شئ غلط، هكذا تفكيري كان لشدة احترامي وحبي وتقديري لهذا الرجل أبي الثاني بكل فخر، وما كان لي إلا كذلك.

قررت في لحظة حاسمة أن أنسحب، نعم، انسحبت! ليس خوفًا من الخصم، بل خوفًا من الوالد الدكتور رشاد العليمي، كان حضوره كفيلًا بأن يجعلني أراجع كل قرارات حياتي، وكنت أقول لنفسي: ربما ليس الآن، سأترك الأمر ليوم آخر، عندما أكون مستعدًا لمواجهة العالم.

ورغم أنني لم أخُض المباراة وانسحبت بل وهربت وبلغت الفحاطه الفين، إلا أنني خرجت بتجربة لا تُنسى، كانت لحظة جعلتني أُدرك أن الخوف ليس دائمًا عدواً، بل قد يكون أحيانًا مرآة تعكس لنا حجم احترامنا وتقديرنا للأشخاص الذين نخشاهم، ولهم رهبه في حياتنا كلها تقدير وحب واحترام.

هكذا كانت قصتي مع الكونغ فو والجودو، ليست فقط عن رياضة، بل عن مواجهة الخوف والرهبة في أبهى صورها ، وبقيت تلك اللحظة ذكرى طريفة ورائعة، أضحك كلما تذكرتها، وأقول لنفسي: ربما كنت سأحصل على الحزام الرابع… لو لم يكن الوالد الدكتور رشاد العليمي هناك!

لكني أدركت أن احترامي وتقديري لفخامته حفظه الله ورعاه وبارك فيه أكثر وأكبر من كل شئ ليس لأنه مدير أمن أو وزير أو رئيس، إنه رشاد الأب والقدوة والمعلم والإنسان قبل كذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى