لتكتمل اللوحة

د. أمين عبدالخالق العليمي/
الحياة ليست لوحة مكتملة الألوان، بل مسرحاً تتعاقب عليه الفصول، مرة تضحك لنا، ومرة تتركنا في مواجهة الرياح، نحن من نغرس فيها ملامح أحلامنا، وهي من ترسم لنا ملامح، أقدارنا، وما بين الحلم والقدر، يمتحن الله قلوبنا: أَنصمد على مبادئنا، أم ننحني أمام العاصفة؟
هناك من يختار أن يكون نهراً جارياً بالخير، يروي العطاش، ويمنح للحياة طعمها النقي، وهناك من يسمح لمرارة الحقد أن تتسرب إلى روحه، فيصير كالغيم المظلم يحجب النور عن نفسه قبل أن يحجبه عن الآخرين،
نحن لا نخسر حين نتنازل عن شيء من حقنا لأجل السلام، بل نخسر حين نفرّط بسلام أرواحنا لأجل انتصار زائف،
أقسى ما يصيب الإنسان أن يترك صوته الداخلي يختفي تحت ضجيج الكراهية، وأن يسمح ليد الغضب أن تمسك بمقود أيامه، فتقوده إلى هاويةٍ مظلمة وهو يظن أنه يسير نحو النصر، فالحياة الحقيقية لا تُقاس بعدد المكاسب، بل بقدرتنا على أن نخرج من المعارك أنقياء، بلا ندوب في ضمائرنا،
الخصومات كالدوامة، تبتلع الوقت والعقل والراحة، وتسرق منا القدرة على التقدم،
أما العفو، فهو القوة التي تحررنا من عبودية الغضب، وتعيدنا إلى الطريق الذي أراده الله لنا:
طريق الرحمة، طريق القلب الواسع الذي لا تضيق به الأرض،
فلتكن قلوبنا مساجد صغيرة، لا يسكنها إلا النور، ولتكن أرواحنا كحديقة تُثمر سلاماً أينما وُجدت،
عندها فقط ندرك أن السعادة ليست ما نملكه، بل ما نمنحه، وأننا لم نُخلق لنكره، بل لنحب.