مراحل الحياة … مقال للدكتور/ أمين عبدالخالق العليمي

رواها 360:
تبدأ الحياة خطواتها الأولى بسيطة، مجرد لحظات من اللعب والضحك، إذ لم يكن هنالك سوى عالم من الألعاب، عالم تغمره البراءة والبهجة، كنا نمرح ونركض في كل مكان، نبحث عن المغامرات الصغيرة التي تختبئ خلف كل زاوية، وفي كل زاوية نجد فرصة للضحك والابتسامة، كانت تلك الألعاب جزءاً من عالمنا الخاص، عالمًا لم يكن يحمل سوى المتعة، ولا يعرف سبيلاً للتعب.
لكن الحياة بدأت تكشف عن وجهها الجاد شيئًا فشيئًا ،
بدأت المدارس، وأصبحت مسؤوليات الدراسة واقعًا يوميًا ، ووجدنا انفسنا أمام تحديات جديدة، كانت الكتب تأخذنا لعوالم مختلفة، لكننا لم نكن نواجهها دون مشقة.
كنا نشعر بوقع الشقاء يتزايد، ومع ذلك، كنا نجد انفسنا نستمتع بتحدياتها، كأنها لعبة جديدة، لم يكن الشقاء فقط عبئًا ، بل كان يمتحن ذكائنا وفطنتنا، وبدا لنا أن الحياة تتطلب في بعض الأحيان أن نجمع بين الجد والهزل، بين السعي والمثابرة وبين لحظات الراحة.
مع مرور السنوات، بدأنا نكتشف أن الذكاء وحده ليس كافياً، وأن الحياة ليست مجرد اختبار للقدرات، كان علينا أن نتعلم الصبر، أن نتحمل الفشل أحيانًا ونقبل بالتحديات دون أن ننظر للخلف، تطلب الأمر مننا فطنة ونباهة، تعلمنا أن نبحث عن الحلول بدلاً من أن نندب الحظ عند كل عقبة، وأن نفكر خارج الإطار أحيانًا.
ومع كل مرحلة دراسية مرت، كنا نزداد فهمًا للحياة، لم تكن الدراسة مجرد معركة، بل كانت تجربة تحمل في طياتها دروساً تفوق تلك التي تقدمها الكتب، دروساً في الثقة، والتعامل مع الآخرين، وفهم العالم من حولنا.
وهكذا، بدأنا ندرك أن الحياة ليست خطًا مستقيمًا، بل مزيجًا من الانحناءات والتعرجات، تحتاج منا أن نتأقلم مع كل منها بحكمة.
وحين نسترجع تلك الأيام اليوم، أجدني أبتسم، فالنجاحات التي حققناها لم تكن فقط نتيجة جهد عقلي، بل كانت نتيجة تلك التراكمات من التجارب، من الشقاء، ومن الذكاء، ومن التحديات التي خضناها، لم تكن الحياة سهلة، لكنها أيضاً لم تكن صعبة بشكل يمنعنا من التقدم، كل مرحلة كانت تضيف لنا بُعدًا جديدًا، كانت تعلمنا قيمة العمل، ومهارة الموازنة بين الجد والهزل، وبين المرح والتحمل.
والآن، ونحن نقف في هذه المرحلة من حياتنا، نشعر بامتنان عميق لكل ما مررنا به، نشعر أننا أكثر ثباتًا، وأكثر قدرة على فهم انفسنا وفهم الحياة من حولنا، تلك الخطوات التي كانت في الماضي تبدو صغيرة، هي ما صنعتنا اليوم، وها نحن نقف بشموخ نرى بوضوح معالم الطريق، وندرك أن كل مرحلة كان لها دورها في رسم مسار حياتنا.
ربما تكون الحياة مجرد رحلة من الطفولة إلى النضج، لكن بين هذين القطبين تكمن حكاية مليئة بالتفاصيل، مزيج من الشقاء والفرح، من الذكاء والمشقة، من اللعب والعلم، من النجاح والفشل، رحلة تُعلمّنا كل يوم درسًا جديدًا ، وتجعلنا نزداد فهماً لحقيقة أن الحياة هي رحلة من التجارب، وأنها تتطلب منا أن نعيش كل مرحلة بروحها الخاصة ونستفيد من دروسها.