نبيل عوض الجبزي: المعلم اليمني الذي لقّن الدبلوماسية البريطانية لغتها العربية

في زوايا التاريخ التي لا تصلها الأضواء كثيراً، يلمع اسم نبيل عوض الجبزي، اليمني البريطاني الذي اختار أن يجعل من اللغة جسراً لا جداراً، ومن الترجمة فناً لا وظيفة. بل لم يكن مجرد معلم لغة عربية، قدر ما كان بوابة لفهم أعمق، وأكثر شفافية، لعالمنا العربي المعقد أمام أعين الدبلوماسيين البريطانيين.
ولد نبيل في حضن اليمن، وترعرع في بيئة مشبعة بالهوية والثقافة، ثم انتقل إلى بريطانيا ليكمل مسيرته العلمية والمهنية. هناك، لم ينس جذوره، بل جعلها أساساً لرسالته الكبرى: نقل روح اللغة العربية إلى أروقة الدبلوماسية البريطانية. فمنذ أكثر من عقدين، صار نبيل الجبزي المرجع الأول لكل سفير بريطاني جديد، ولكل قنصل، ولكل موظف يلتحق بالسفارات البريطانية في العالم العربي.
نعم ، لم يقتصر عمله على تعليم المفردات، بل كان يغرس في طلابه من الدبلوماسيين روح السياق، وأدب التخاطب، وتعقيدات المعنى بين السطور. علمهم كيف يتحدثون بالعربية ليس فقط بلسانهم، بل بقلوبهم أيضاً.كما ساعدهم على فهم رمزية الكلمات، وبلاغة الصمت، وسحر الشعر، ومكر السياسة، وكل ما لا يُكتب في القواميس.
ولأن اللغة مرآة للثقافة، فقد فتح نبيل عقول طلابه على تنوع الهويات العربية، وعلى الفوارق الدقيقة بين لهجات الخليج ولهجات الشام ومصر والمغرب واليمن. كان يعلمهم أن الكلمة العربية لا تنفصل عن سياقها، وأن “التحية” قد تحمل ألف رسالة، بحسب نبرة الصوت وحركة اليد وتوقيت اللقاء.
نبيل الجبزي،رفيقي التاريخي ودائما هو أحد الجنود المجهولين الذين أثروا في صنع السياسة من خلف الستار، دون ضجيج. بفضل عمله الدؤوب، استطاعت بريطانيا أن تُرسل دبلوماسيين أكثر فهماً ومرونة للعالم العربي.
ولقد ظل الجبزي مثالا حضارياً راقياً، لا يربط فقط بين لغتين، بل بين عقلين وقلبين، وبين عالمين لا يلتقيان بسهولة.
لهذا، يحق لنا كيمنيين أن نفخر بهذا الرجل النبيل، الذي رفع اسم وطنه عالياً، في مملكة لطالما نظرت للشرق بعدسات خاصة… فجعلها ترى، لأول مرة، بعيون عربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى