الأكثر رواجًا

كتب عبدالباري قاسم: احترق الظل الحميد لقريتنا


عبدالباري قاسم: احترق الظل الحميد لقريتنا

منذ مئة عام وأكثر وهذه الشجرة شامخة، جابهت المتغيرات المناخية وغضب الطبيعة حتى وقت قريب، بقيت متماسكة، وتزود أبناء قريتنا بالهواء والحطب، وزد على ذلك” الحُمر” إذ كانت تنتجه بكميات وثيرة، كانت لهم بمثابة أم قوية، لكنهم احرقوها!!

من يحرق أمه يا هؤلاء؟!

يقال: إن “السيل” جلبها معه من أعالي الجبال، فمدت جذورها في هذا الوادي البعيد، لم تتأثر بالسيول والعوامل الجغرافية، تكفل الرب بحفظها، لكن عباده أحرقوها، نعم عقروها، متناسين فضلها الكبير. كانت ملاذًا للتائهين، وراحة المسافرين، ومتكأ المخزنين. القضايا العويصة التي تصعب على الحكام، تنفرج تحت ظلها. يكمن السر في ظلها المبارك، هي الشجرة الوحيدة بين نضيراتها من تبقى مخضرة طيلة العام، لا تتأثر بشحة المياه. كانت الشجرة رمزًا لقريتنا، وكان اسم الشجرة إجابة لمن يسألنا من أين أنتم؟ فنذكر شجرة “الحمر” كدليل كافٍ لمعرفة قريتنا وهويتنا…

لِنترك هذه المقدمات غير الضرورية…

لماذا أحرقتموها يا أبناء قريتنا؟

-تحت ظلها يجتمع الأحباب.

-ما الضير إن شهدت الشجرة لقاء العشاق؟.

نعم أحرقوها لأن عاشقين رتلّا حبهما تحت عذرها. يا للفداحة.

لم أنسَ صبيحة ذاك اليوم عندما اقتتل أخوين إثر خلاف على شجرة “قات” أحدهم قُتل، والآخر شلت قدمه. فأما الشجرة بقيت صامدة مكانها. ما الذي دعاني لأذكر هذه القصة دعكم منها.

أنتهى أمرها ونسيها الجميع، الآن أتذكرها عند كل مأساة تحدث في هذه البلاد. أنا حزين وحسب، حزين جدًا لمصيرها. كانت ناقتنا الصالحة فعقرناها تبًا لنا.

صورة شجرة القرية التي عمرها 100 عام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى