قصة وثيقة تكشف جزء من فساد القطاع الصحي في تعز

رواها 360_ مركز الإعلام الحر – Free Media للصحافة الاستقصائية :

 قبل شهرين، ورد إلى مركز فري ميديا (الإعلام الحر) للصحافة الاستقصائية بلاغ من أحد أعضاء الهيئة الإدارية في نقابة المختبرات الطبية بمحافظة تعز، يُحذر من شبهة تلاعب في المؤهلات العلمية لطبيب يدعى معاذ الشرعبي. لم يكن البلاغ كافياً لتحفيز تحقيق شامل في البداية، لكن مشهداً عابراً أثناء زيارة علاجية لمدير المركز إلى طبيب قلب متخصص غيّر المعادلة.

أثناء النقاش، ذكر طبيب القلب وجود شخص غير مختص في جولة سنان يُدعى “معاذ”، يتدخل في وصفات علاجية لمرضى القلب، ما اعتبره الطبيب تهديداً مباشراً لحياة المرضى، خصوصاً في حالات تتطلب متابعة دقيقة وخطة علاجية علمية. هنا قرر فريق المركز التحرك فوراً للتحقق من صحة المؤهلات الأكاديمية لهذا الطبيب.

وثيقة

تم الحصول على ملف “الطبيب” الذي احتوى على شهادة جامعية منسوبة إلى جامعة الحاج لخضر الجزائرية. بادر الفريق بتحرير مذكرة رسمية أُرسلت إلى السفارة اليمنية في الجزائر للتحقق من صحة الشهادة، أعقبها تواصل مباشر مع السفير اليمني في الجزائر محمد اليزيدي، الذي طلب تفاصيل إضافية للمتابعة. تم تزويده بالتفاصيل.

وبعد ثلاثة أشهر من الإجراءات، ورد تأكيد من الجهات الجزائرية المعنية أن الشهادة مزورة، وهو ما مثّل صدمة وخطراً صحياً ومهنياً جسيماً. ومع أن السفير رفض تزويد المركز بنسخة مباشرة من الرد، إلا أنه أكد أن الوثيقة الرسمية ستمر عبر القنوات الحكومية المعتادة: من السفارة إلى وزارة الخارجية اليمنية، ثم إلى وزارة الصحة، فمكتب الصحة في تعز، وأخيراً إلى مركز فري ميديا.

لكن المسار لم يكن سهلاً. فقد أنكرت وزارة الصحة مراراً تسلمها لأي رد من الخارجية، رغم تقديم مكتب الخارجية ما يثبت تسليمها الوثائق رسمياً. في هذه الأثناء، لاحظ الفريق بوادر تواطؤ وتستر رسمي على الجريمة من قبل وزارة الصحة، وهو ما أثار القلق ودفع لمزيد من المتابعة الحثيثة.

في النهاية، تمكن الفريق من الحصول على نسخة رسمية من الرد الجزائري، والذي أكد أن الشهادة المقدمة من معاذ الشرعبي مزورة بالكامل، ولا توجد له أية سجلات في الجامعات الجزائرية.

رغم خطورة ما كُشف، قرر فريق التحقيق عدم النشر الفوري احتراماً لحساسية القضية وخشية من المخاطر، وانتظر تحرك الجهات الرسمية. لكن المفاجأة جاءت من جهة غير متوقعة: مدير مكتب الصحة في مديرية القاهرة الدكتور رشاد المخلافي حاول الحصول على الوثيقة من المركز، وعندما رُفض طلبه، حصل عليها بطريقته، ثم بعد ذلك تم تسريب الوثيقة لاحقاً عبر حساب على فيسبوك باسم مستعار يُعرف بـ”نوال النعمان”، وهو حساب تديره – بحسب معلومات موثوقة – شبكة نشطاء تعمل بتنسيق مع جهات أمنية.

بعد أيام فقط، وقعت جريمة مروعة: تعرّض مدير مكتب الصحة في مديرية القاهرة لاعتداء بمادة الأسيت الحارقة، نُقل على إثرها لتلقي العلاج في ظروف غامضة. المركز كان قد حذر مسبقاً من احتمالات التصعيد والخطر.

واليوم، يبرز السؤال الأهم:

أين وصلت القضية في أروقة القضاء؟ وهل سيتم محاسبة المتورطين في تزوير الشهادات الطبية، والتستر عليها، والاعتداء على من يسعون للحقيقة؟

مركز فري ميديا يواصل متابعته لهذه القضية، ويؤكد تمسكه بدوره في كشف الحقائق التي تمس حياة الناس وأمنهم الصحي، كما يدعو الجهات القضائية إلى التحرك الجاد، وتوفير الحماية للمبلغين والصحفيين والعاملين في المجال الصحي، وفتح تحقيق عاجل وشفاف في حيثيات القضية والتسريب والاعتداء.

هذه ليست مجرد قضية تزوير شهادة، بل سلسلة مترابطة من الفساد، والاستهتار بصحة المواطن، ومحاولة إسكات من يجرؤ على كشف الحقيقة. هذه القضية تكشف أن المجلس الطبي لا يتحقق ولا يقوم بدوره في عملية التدقيق والتحقق من الشهادات عند منح تراخيص مزاولة المهنة، كما تؤكد أن مكتب الصحة في تعز الذي منح الطبيب المزور ترخيص فتح منشأة طبية مركز طبي لم يقوم والاجراءات المطلوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى