بين الحق في الاحتجاج وحرية الرأي والكرامة: أين ينتهي الحق وتبدأ الجريمة؟

 د. الفت الدبعي :

لاحظت اليوم، من خلال اللافتات والهتافات في الوقفة الاحتجاجية أمام السلطة المحلية في تعز، وأيضا عبر المنشورات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هناك خلطاً واضحاً بين مفاهيم، الحق في الاحتجاج وحرية الرأي والتعبير من جهة، والحق في السمعة والكرامة من جهة أخرى.

ينبغي أن ندرك جميعاً أن هناك فرقاً كبيراً وجوهرياً بين ممارسة الحق في الرأي والتعبير والاحتجاج بشكل مسؤول، وبين الانزلاق إلى جرائم السب والقذف والتشهير. فحرية التعبير لا تعني إطلاق العنان للإساءة أو التشويه، ولا تبرر الاعتداء على كرامة الآخرين أو النيل من سمعتهم بعيدا عن ذكر وقائع أو مطالب محددة وواضحة.

إن حق الاحتجاج وحرية الرأي والتعبير هو حق إنساني وقانوني أصيل يضمن لكل مواطن المشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. بل إن ممارسة هذا الحق تمثل ركيزة أساسية لدعم السلام والتفاهم، محليا وإقليميا ودوليا، وقد أرست الشرعية الدولية، وكذلك دساتير وقوانين أغلب الدول، بما فيها اليمن، مبادئ واضحة تكفل هذا الحق، وتعتبر النقد البناء من أهم أسس المجتمعات الديمقراطية.

على أن التوازن بين حرية الرأي وبين احترام حقوق الآخرين ليس خياراً بل هو واجب ومسؤولية جماعية.

من هنا، أدعو كل من يشارك في الاحتجاجات أو يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن يمارس حقه في التعبير ضمن إطار من المسؤولية الاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية ، وأن يركز على الوقائع والمطالب المشروعة دون اللجوء إلى السب أو الشتم أو الإهانة، فهذه أفعال يجرمها القانون وتضر بقيم التعايش والحوار.

وأخيراً من لا يميز بين حرية الرأي والجريمة، عليه أن يعلم أن القضاء هو الفيصل، ويحق لكل متضرر اللجوء إليه لضمان تطبيق القانون وحماية الكرامة.

رسالتي التي أود إيصالها بأني لا أريد أحدا من الباحثين عن الكرامة وضرورة تواجد السلطة والدولة في خدماتها للمواطنين، أن يتحول فجأة الى ضحية وتتم مساءلته عن ذلك قانوناً نتيجة جهله بما هو مسموح به قانونا وماهو مجرم مهما كانت الأسباب والمبررات.

لنكن جميعًا صوتا للحق … دون ان نكون أداة للشتائم والإساءة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى