لا أتابع كرة القدم ليس لأني فقدت الشغف بالحياة

معتصم الجلال:

لا أتابع كرة القدم، ليس لأني فقدت الشغف بالحياة بل لأني حقاً عجزت عن تنظيم دقات قلبي عند الفوز أو الخسارة، تجنبت المتابعة وعقدت صفقه هادئة مع العزلة والغياب حتى أصبحت في هذا المجال غريباً جداً، غشيماً تذروه الرياح لا يفقه في تفاصيله شيئاً . حقيقة في الرياضة ليس لي ما أشارك به، ولا حتى القدرة على ذكر اسماء للاعبين وإن حدث ذلك فهو محض صدفه أو ما اختتزلته ذاكرتي اللا واعيه من أحاديث المجالس في القرية والأسواق.

ربما هذه واحده من الصفات التي دائما ما تتغنى بها أمي أمام نساء القرية، تتباها بأنَّي خالٍ من الجنون والصرع، بعيداً عن التشنجات غير الحميده، تخبرهن بثقه أني هادئ كـ الغيم ليس مثل أبناء القرية المدمنين للقرف، تحذرني بعد كل جلسه يدور فيها حديث عن المباريات والمشجعين ألا أخذلها أمام قريناتها، تنفث على جسدي المعوذات خشيه الإنخراط، وتوصيني بصرامة القرويات اللطيفات : “خليك يا ولدي بعيد من هذا الجو والله با يشمتين بي نساء القرية ويسمعين بي مريس كلها، خليك بعيد من هذا الجو وقدك ما وقعتش كما كنت أشتيك تقع إمام لمسجد الحارة” فأهز لها رأسي بصمت، أعانقها واطمئنها بقلبي بطريقة لافته للنظر وهي لا تعلم أن هذا القلب الصغير الذي يربت على مخاوفها أضعف من أن يتحمل خسارة، فإذا خسر الفريق الذي أشجعه، أمرض لأسبوع وأغيب عن العالم وإذا فاز، أرقص في نشوة طافحة، وتارة أطوف على منازل أصدقائي الندّ، أهاجمهم بلغط وعماء في لحظة ينقلب إلى شجار وفي أحيان كثيرة يتحول إلى صراع لهذا تجدني انسحبت من المشهد مبكرًا وأطفأت نيران الهتاف بداخلي، ورضيت بأن أبقى غريبًا في زمن الصخب الرياضي، عسلاً على لسان أمي، ومشقري جميل في جعبتها تنفث طيبه متى ما وجب التباهي والمقارنه..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى