عن نزول سعر الصرف واستعادة الثقة الشعبية بالدولة

د. لمياء الكندي

على الرغم من أن الغالبية العظمى من المواطنين لم ينَلها بشكل مباشر أيُّ مردود من نزول سعر الصرف وارتفاع قيمة الريال اليمني مقابل الريال السعودي والدولار، إلا أنهم مرتاحون جدًّا لهذا النزول.

إنها راحة تحمل بشارة كبيرة بتحسّن الظرف المعيشي لنا كشعب معدَمٍ ومَسحوق، كان مهدَّدًا بمجاعة وإفقار ممنهج، ووجد نفسه رهينةً لدولة فاشلة وهوامير الفساد.

وقد أحببتُ من خلال هذا المقال أن أؤكّد أن نقدنا للدولة والحكومة والمجلس الرئاسي والسلطات المحلية لم يكن نقدًا خارجًا عن الموضوعية، ولم يكن بغرض إضعاف الدولة أو تشويه حضورها ومكانتها. كيف يكون ذلك، ونحن قد عشنا مرارة الانقلاب على الدولة والجمهورية، وشهدنا محاولات تقسيمها وحُكمها من قِبل عصابات الكهنوت الزيدية الحوثية؟

لقد ضحّى الملايين من أبناء هذا الشعب بحياة أبنائهم في معركة مصيرية لاستعادة الدولة، وهُجِّر الملايين، وما زالوا حتى هذه اللحظة مستعدّين للتضحية والصمود من أجل استعادة الدولة والقرار الحاكم فيها، وتثبيت أركان شرعيتها الجمهورية.

وكلُّ ما عليكم تجاه هذا الشعب هو أن تمنحوه الثقة بكم كحكّام، وكدولة نظام وقانون.

إن معالجة الوضع الاقتصادي اليوم، وتحسين وضع العملة المحلية، أولويةٌ مقدَّمة حتى على معركة الخلاص الجمهوري ضد ميليشيات الموت الحوثية.

الرضى الشعبي عن أداء الحكومة ومجلسها الرئاسي هو أول محاور استعادة الدولة، وقد اعتمد أعداء الدولة آلية نزع الثقة بين الشعب وقيادته كاستراتيجية تدميرية من الداخل.

لقد أعادت لنا الخطوةُ الأخيرة الخاصة بارتفاع قيمة الريال أمام العملات الأجنبية الثقةَ بالدولة، وهي بداية إصلاحات بنيوية يجب ألا تتوقف عن هذا المسار.
ولتستمر عملية إصلاح الدولة ومؤسّساتها السيادية، ولتُعدّ هذه اللحظة انطلاقةً لإصلاح علاقاتها واسترداد ثقة الشعب بها.

ليكن هذا محفّزًا لمعالجة ملفات الفساد، وإلزام الأحزاب والفصائل السياسية بانتهاج مسالك الإصلاح الجماعي للدولة، ووقف عجلة الفساد في صفوف ممثّليها وأدواتها التي غلّبت المصلحة الحزبية على مصلحة الشعب والدولة.

وسَتَجدوننا – كُتّابًا، وباحثين، وناشطين، وقيادات مجتمعية وقَبَلية – وإعلامية  معكم، وسندًا لكم، فقط كونوا دولةً كما يجب أن تكون الدولة.

ولا بارك الله في قلمٍ عارض أو سعى لتشويه قيم الدولة وقيادتها، طالما وجدنا في حضوركم على رأس السلطة خدمةً للشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى