خلف الطاولة … للكاتب عديل عقلان

رواها 360:
بينما يُهلّل البعض لتحسن سعر صرف الريال اليمني، وتتصاعد النشوة الإعلامية وكأن المعركة قد حُسمت، هناك ما يُحاك خلف الطاولة بصمت، بعيدًا عن عناوين الأخبار ومهرجانات التصفيق.
فالتحسن الأخير لم يكن نتيجة معجزة، بل بفعل تدخّلات مالية عاجلة، وضغوط خارجية، وإجراءات مؤقتة تدعمها بنوك وشركات صرافة كبرى لها مصالحها المباشرة. نعم، الريال تحسّن، لكن ليس لأن الاقتصاد تعافى، بل لأن “الغرف الخلفية” اتفقت مؤقتًا على هدنة.
الحكومة، في خطابها، تتحدث عن لجنة الاستيراد وكأنها عصا سحرية، لكنها تتجنب الحديث عن العجز في إقرار الموازنة منذ سنوات، وعن الفساد الذي ينخر في المؤسسات الإيرادية، وعن الإيرادات المهدورة خارج حسابات البنك المركزي.
وخلف الطاولة، تُدار معارك صامتة حول تحرير الدولار الجمركي ورفع تعرفة الكهرباء… قرارات يعلم الجميع أنها ضرورية، لكنها مؤجلة بفعل الحسابات السياسية والخوف من ردود الفعل الشعبية.
المواطن لا يرى هذه التفاصيل، لكنه يدفع ثمنها. يدفعه حين يُطلب منه الفرح لارتفاع الريال، بينما الأسعار لم تنخفض، ومرتبه ما زال مفقودًا، والخدمات تتدهور.
الأسئلة التي لا تُطرح في المؤتمرات الصحفية هي: لماذا لا تُستكمل الإصلاحات؟ من المستفيد من بقاء الفوضى المالية؟ ولماذا لا تصل إرادات الدولة إلى خزينة الدولة؟
ما خلف الطاولة أهم مما فوقها، وما لم يُكشف ويُعالَج بشفافية وشجاعة، فإن كل تحسّن آني سيكون مجرد استراحة قصيرة في طريق طويل من الانحدار.