الاستثمار ذو الأثر الاجتماعي… جسر بين المال والإنسان

د. أمين عبدالخالق العليمي:
ليس الاستثمار مجرد أرقام تتضاعف في دفاتر البنوك، ولا أرباح تُكدّس في خزائن مغلقة،
بل هو رسالة ومسؤولية، ووسيلة لبناء مجتمع يتنفس الحياة بكرامة وعدالة،
إن ما يُعرف بالاستثمار ذي الأثر الاجتماعي هو الوجه الإنساني لرأس المال، حيث يلتقي الربح بالمصلحة العامة، ويتحد العائد المادي مع الأثر الإيجابي في حياة الناس،
فكم من قرية مظلمة أضاءتها مشاريع الطاقة الشمسية، فصار طلابها يدرسون ليلاً وأطباؤها يجرون عمليات جراحية بلا خوف من انقطاع الكهرباء،
وكم من أسرة فقيرة حولت قرضاً صغيراً إلى مشروع منتج، ليغدو الفقر مجرد ذكرى، ويحل محله الأمل والاعتماد على الذات،
وكم من طفل كان محروماً من التعليم، فتحت أمامه مدارس منخفضة التكاليف أبواب المستقبل، فصار الاستثمار في الإنسان أعظم من الاستثمار في الحجر، اقصد في تجارب دول سبقتنا بذلك ونجحت،
اليوم، ونحن نرى الأزمات تعصف بأوطاننا، يصبح هذا النوع من الاستثمار ضرورة لا رفاهية، وبوصلة لا غنى عنها، لأنه يحوّل التحديات إلى فرص، والضعف إلى قوة، والحرمان إلى إنتاج،
وهنا، نتوجه بنداء صادق إلى رجال المال والأعمال:
أنتم عماد التنمية وركيزة الاقتصاد، وقد حان الوقت لتوجيه جزء من استثماراتكم إلى مشاريع تُحيي المجتمع قبل أن تُغني الجيوب، اجعلوا من أموالكم جسوراً للنور، لا أسواراً للانعزال، وإلى حكومتنا ومؤسساتها: أنتم الحاضنة الكبرى لهذه المشاريع، وأنتم القادرون على توفير البيئة التشريعية والمالية المشجعة، سَنّوا القوانين التي تحفز الاستثمار المسؤول، وادعموا الشراكات بين القطاعين العام والخاص، واجعلوا التنمية المستدامة هدفاً لكل خططكم،
إن الاستثمار ذي الأثر الاجتماعي ليس حلماً بعيداً، بل واقعاً أثبت نجاحه في دول كثيرة، وها هو الباب مفتوح أمامنا لنحوّل أوطاننا إلى نماذج رائدة، حيث يعيش المواطن في كرامة، ويزدهر الاقتصاد بوعي وعدالة،
فالمال إذا خدم نفسه فقط تلاشى، وإذا خدم الناس بَقي خالداً،
إن تكاتف الدوله مع الشعب بجميع فئاته اليوم هي بحد ذاتها استثمار، ومشاركه وطنيه لابد منها .