رئيس البرلمان يوجه رسالة لقيادات أمن ومحور تعز: لا أعذار بعد اليوم ودم افتهان المشهري لن يذهب هدرا

رواها 360
أصدر رئيس مجلس النواب، الشيخ سلطان البركاني، بياناً شديد اللهجة بشأن اغتيال الأستاذة افتهان المشهري في تعز، واصفاً الجريمة بأنها عمل آثم وجبان.
وفي بيان تعزية موجه إلى والد الفقيدة، محمد أحمد المشهري، أكد البركاني أن هذه الجريمة لا تعبّر عن قيم وأخلاق تعز، التي طالما كانت رمزاً للأمن والأمان.
وانتقد البركاني بشدة الوضع الأمني في المدينة، معتبراً أن تعز ابُتليت بـ”أمراء حرب ومجرمين وقتلة وسفاحين”، امتدت أيديهم لاغتيال العديد من الرجال وشوهوا صورتها.
وطالب رئيس البرلمان الأجهزة الأمنية والعسكرية في تعز، وعلى رأسها مدير الأمن وقائد المحور، بالتحرك الفوري لإعادة الأمن إلى المدينة، والقبض على القتلة ومن يقف خلفهم، محذراً من أن الأمن لا يُستعاد ببيانات باهتة، بل بعدالة حاسمة.
وربط البركاني هذه الجريمة بفشل سابق في التعامل مع حوادث اغتيال أخرى، مستشهداً بعبارة من رئيس الوزراء الأسبق، أحمد محمد نعمان، في حادثة مماثلة.
وأشاد البركاني بالفقيدة افتهان المشهري، واصفاً إياها بأنها كانت “مثالاً للعمل المخلص والبناء”، وكشفت عن جهودها الكبيرة في خدمة المدينة، مشيراً إلى إشادة رئيس الوزراء الحالي، سالم بن بريك، بقدراتها.
واختتم بيانه بتحذير من أن دم افتهان المشهري “لن يذهب هدراً”، وأن تعز، التي تحترق منذ سنين، لم تعد تحتمل مزيداً من التخاذل، وأن هذه الحادثة قد تفجر أوضاعاً لا ترجو لها المدينة أن تنجر إليها.
رسالة الشيخ البركاني كما هي :
الأخ العزيز/ محمد أحمد عبدالله المشهري المحترم
حياكم الله…
لقد هالني نبأ ، استشهاد ابنتكم الفاضلة مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، الأستاذة افتهان المشهري، التي ارتقت صباح هذا اليوم ضحيةً لاغتيالٍ آثمٍ جبان فيما انا أمرُّ بظروفٍ صحية لا تحتمل أن أسمع مثل هذه الفاجعة، بعزيز ٍ عليّ وعلى كل أبناء المنطقة وكل من عرفوها منذ سنواتٍ طوال، وكانت مثالًا للعمل المخلص والبنّاء في جميع المواقع التي تقلّدتها.
إن هذه الجريمة لا تُعبِّر عن قيم وأخلاق تعز، ولا عن رجولة أبنائها،وهي التي طالما أمنت الرجال والنساء القادمين إليها من مختلف المحافظات، ممن كانوا يقلقون على حياتهم في مدنهم وقراهم ،وكانت تعز تمثّل رمزًا للأمن والأمان، لولا أن ابتلانا الله في الآونة الأخيرة بأمراء حرب، ومجرمين، وقتلة، وسفاحين، امتدت أيديهم الآثمة لاغتيال العديد من الرجال في هذه المدينة، وشوَّهوا صورتها، وطمسوا سمعتها، وجعلوا حنين الناس إليها مشوبًا بالحسرة.
وإني لأتذكر، وأنا في مرحلة الصبا، مقتل الشيخ سعيد بن سعيد المخلافي داخل جامع المظفر، وهو يتلو القرآن في شهر رمضان، بين صلاتي الظهر والعصر، وكنت أقف على باب الجامع، وهالني، كما هال الناس جميعًا، ذلك المنظر المرعب وتلك الجريمة البشعة، التي وقعت في بيت من بيوت الله، وتناثر فيها الدم على صفحات المصحف وأرضية الجامع.
وأتذكر أن دولة رئيس الوزراء آنذاك، الأستاذ أحمد محمد نعمان، كان متواجدًا في تعز، وبمجرد علمه بالجريمة، توجّه عاجلًا إلى إدارة أمن المحافظة، التي كانت آنذاك تقع في باب الكبير، وسأل عن الإجراءات التي تم اتخاذها، فقيل له: “لقد نقلنا جثة القتيل، أما القَتَلة فقد فرّوا .. فأطلق عبارته الشهيرة قائلًا: “أحسنتم يا رجال الأمن، حين ألقَيتم القبض على المقتول وتركتم القاتل.
وإني لأتمنى من أعماق قلبي ألا تنطبق هذه المقولة المؤلمة على مقتل المناضلة، الشريفة، المخلصة: افتهان المشهري.
كما أتمنى على مدير الأمن، وقائد المحور، ومن خلفهم جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية، أن يعيدوا إلى تعز ابتسامتها، وأن يعملوا على إلقاء القبض على القتلة بصورة عاجلة، وألا نسمع عذراً : لقد فرّوا، أو اختفوا، أو أن الجريمة قُيِّدت ضد مجهول.
وندعو كل الجهات ذات الاختصاص ــ وبصوتٍ لا يقبل المواربة ــ بالقيام بالقبض الفوري على القتلة ومن يقف خلفهم .. وبكشف خيوط الجريمة للرأي العام .. فالأمن لا يستعاد ببياناتٍ باهتة، إنه يستعاد بعدالةٍ حاسمة تعيد للناس ثقتهم، وتعيد للمدينة حقها في السلام.
إن تعز التي تحترق منذ سنين، لا تحتمل مزيداً من التخاذل، ولا مزيداً من دفن الحقائق .. هذه المدينة تستحق العدل، وتستحق حياةً تصان فيها الدماء، ويحترم فيها صوت النساء والمواطنين.
تعز اليوم على المحك، ودم افتِهان المشهري لن يذهب هدرًا،وسيفجّر أوضاعًا لا نرجو لتعز أن تجرَّ إليها، فهي لم تعد تحتمل مزيدًا من النكبات والمغامرات.
وإني لأدعوك، أخي العزيز، وأنت الأبُ المكلوم، أن تتعامل بعقلك الراجح الذي عهدناه فيك، فجميع الأجهزة تقوم الآن بواجباتها فتتحمل مسؤولياتها.. فأفتِهان ليست خسارة عليك وحدك، بل خسارة للوطن، ولكل من عرفوها في مناصبها المتعددة: التنظيمية، والتعليمية، والإدارية.
لقد كانت رحمها الله كالغيث، حيثما حلَّ نفع .. وهذا ليس بغريب فماذا أقول عن قدراتها غير أن أتذكر إتصال الأخ العزيز سالم بن بريك وزير المالية آنذاك رئيس الوزراء حالياً، وهو يشيد بها بعد مقابلتها ويقول لي مثل هذه المخلصة الصادقة سوف اتعاون معها بكل الظروف وقد زودها بالمعدات والمستحقات اللازمة والتجهيزات لأعمال النظافة في تعز.
كما أنها خلقت علاقات متميزة مع كثير من المنظمات الدولية وكادت أن تقفز بمدينة تعز في مجال النظافة والبيئة إلى أعلى مستوياتها فامتدت إليها أيادي الغدر وأطفائت تلك الشعلة المتوقدة..
إنا لله وإنا إليه راجعون وانا لمحزنون.