لماذا يتهرب حزب الإصلاح من القيام بمسؤولياته في تعز؟

أسامة عفيف
مثّل اغتيال الأستاذة إفتهان المشهري مديرة صندوق النظافة والتحسين، نقطة فارقة في مدينة تعز واليمن عموماً، خصوصاً أن الجريمة وقعت بعد شهر من التهديد بالقتل وتقديم بلاغات للجهات الرسمية بذلك، ما فتح باباً واسعاً للأسئلة، حول تهرب حزب الإصلاح من القيام بمسؤولياته الوطنية تجاه هذه المدينة المكلومة، لا سيما وأن الجريمة وقعت بالتوازي مع اعتداء نفذه شقيق قائد المحور، وأصيب على إثره رجل وامرأتين، بعد أيام قليلة من اعتداء مسلح قام به أفراد من الجيش ضد طبيبة وابنتها في وضح النهار،
فهل ستكون هذه الحادثة نقطة تحول للعمل الجاد على إصلاح الاختلالات داخل المدينة؟ أم سيستمر مسلسل الفشل الأمني أكثر فأكثر؟
وأنا هنا أخاطب حزب الإصلاح لأنه المسؤول الأول في تعز، ولا أبتغي من ذلك إلا المصلحة العامة، فاتركونا من الاختلاف الذي لا يؤدي إلى نتيجة.
لماذا لا تكون هذه الحادثة الأليمة مراجعة عملية ليتخلص حزب الإصلاح من نظرية المؤامرة المسيطرة على أذهان قياداته، وليسألوا أنفسهم ولو لمرة واحدةة فقط، لماذا وصل حال تعز إلى هذا الحد؟
ولماذا يتنصل الإصلاح – الحاكم الفعلي لتعز – من المسؤولية وهو قادر على ذلك، رغم أن تغيير الوضع إلى الأحسن هو من مصلحته بالدرجة الأساسية ومصلحة تعز، ومصلحتنا جميعاً. أشاهد هذا التراخي وأسأل نفسي، ما الذي يجنيه الحزب من كل هذا التجاهل، سؤال يلح في رأسي كثيراً ولا أجد له إجابة.
قد يقول قائل، حزب الإصلاح أصدر بياناً شديد اللهجة، أدان جريمة الاغتيال ودعا لملاحقة الجناة، وأنا أرد فأقول هذا مجرد ضحك ينفع لذوي العقول المغسولة من جماهير الحزب العريضة في ربوع البلاد، لكنه لا يرضي بأي حال من الأحوال، المواطن الذي خبِر الوضع في تعز، وعاش وعانى من الانفلات الأمني فيها.
وقبل ذلك، دعونا نتفق بأن حزب الإصلاح مكون أساسي في الحكومة الشرعية ولا يمكن إقصاؤه بأي حال من الأحوال، شاء من شاء وأبى من أبى، نعم حزب الإصلاح اليوم هو جزء أصيل من حاجز الصد الذي وقف وما يزال للدفاع عن البلاد، ومواجهة التمدد الكهنوتي الإمامي منذ الطلقة الأولى.
ويعلم المواطن يا حزب الإصلاح أن الميليشيا الحو.ثية هي من أوصلتنا إلى هذا الحال، ولكنهم يعلمون أيضا أنكم تركتم تعز في العراء رغم أنكم قادرون على ضبط الأوضاع، مدينة تعز لا تتعدى عن كونها شارعين أو تزيد قليلاً، وبإمكانكم ضبط الاختلال فيها لكنكم متنصلون عن مسؤوليتكم، تاركين الحبل على الغارب، بيد عصابات صغيرة تعبث بالمدينة كيفما شاءت، وكأن الأمر لا يعنيكم من قريب أو بعيد.
كيف لا، وأنتم من استطع إخراج أبو العباس خلال أسابيع قليلة، ولكن ماذا حدث بعدها، ها نحن اليوم نعيش حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني، وأتذكر حين الإغارة على أبو العباس، كان الحو.ثي يحاصر المدينة أيضا، ولم تكونوا أقل قوةً مما أنتم عليه الآن.
ونحن، نحن الغلابى من الناس حينما نختلف مع حزب الإصلاح ليس مكايدة ولا هجوم لأجل الهجوم وحسب، بل يأس قد وصل إلى حدوده القصوى، يجب تفهّم ذلك، يجب استيعاب ذلك، لأجلكم ولأجلنا، لا أحد لديه النية للمكايدة اليوم بعد كل هذه السنين من الحرب والأوجاع والدماء، كفو عن هذا التفكير أرجوكم، نحن في مركب واحد. كل ما في الأمر، أن الناس كانت تعول عليكم في حمل قضيتهم، من خلال الخروج بمشروع وطني جامع للناس كافة ولكن ماذا حدث؟ سقطت المدينة في مستنقع الفوضى، وسٌلمت بكل أسف إلى أيدي الضباع تتناهشها من كل جانب، هل هذا ما تريدوه حقا؟
ما الذي حدث منذ عشر سنوات؟ أسأل نفسي، وعلى ماذا يراهن الحزب وهو الذي يرى الناس تتكالب عليه يوماً بعد آخر؟ على ماذا يستند وهو يشاهد الناس تنفض من حوله نتيجة هذا التراخي؟ عشر سنوات والناس تحترق وهو يردد ذات الكلام، بأنه مجرد حزب سياسي في تعز وليس الحاكم الأول للمدينة.
عشر سنوات والناس في تعز تنتظر حضور الدولة يا حزب الإصلاح بفارغ الصبر، عشر سنوات ولم يتحقق ذلك، ولن يتحقق على ما يبدو في المدى القريب، لن تحضر الدولة لأنكم تٌصرون على أنكم ما تزالون مجرد معارضة، ولا أدري كيف تقنعون أنفسكم وأتباعكم بذلك؟
أنتم يا حزب الإصلاح، جزء من الحكومة الشرعية، لديكم عضو في مجلس القيادة الرئاسي، لديكم وزراء في الحكومة ولديكم أعضاء في البرلمان، وفي تعز، في تعز لديكم قائد المحور ومدير الأمن، ومعظم القيادات العسكرية والأمنية تابعة لكم، ومن لا يتبع الحزب، هو ممن يوافق سياساتكم بكل تأكيد، هذه حقيقة لا يستطيع نكرانها أحد.
حسنا، ستقولون إن محافظ المحافظة ليس إصلاحياً، نعم هذا صحيح، لكن المحافظ لا يقدم على شيء إلا وفق إرادتكم، والدليل على ذلك أنه ما يزال محافظاً منذ سنين، فيما المحافظ السابق أمين محمود حينما اختلف معكم، لم يبقَ في منصبه مدة عام واحد، وقد جرى تغييره بعد حملات تحريض ومحاولات اغتيال وغيره، تتذكرون ذلك.. صحيح؟
إذا مشكلتكم الآن هي عدم وجود محافظ إصلاحي، ولذلك أنا كمواطن من تعز وغيري كثيرون سندعو لمناشدات إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، لتعيين محافظ يكون من حزب الإصلاح حتى تتحملوا المسؤولية، لأن هذا هو المبرر الوحيد الذي ما زلتم ترددونه هنا وهناك، بأن المحافظة ليست في أيديكم.
وأما من يقول بأن حزب الإصلاح لا يستطيع تغيير مدير إدارة صغيرة داخل تعز، فهو إما أعمى أو أنه كاذب مع سبق الإصرار، نعلم أن قائد المحور خالد فاضل جرى تغييره ولكنه عاد إلى قيادة المحور، وهو منذ سنين على رأس مؤسسة الجيش، هل يحق لنا أن نسألكم كيف حدث ذلك؟
حسنا، خلاصة القول هي أن حزب الإصلاح يريد أن يكون المسيطر على كل مراكز النفوذ في تعز، ولكنه في ذات الوقت لا يريد تحمل كلفة المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه الناس، هذا ما أفهمه أنا وكل مواطن صادق يعيش في تعز، لقد تحولنا إلى فريسة بيد الفوضى من كل ناحية، ومن خلفنا العدو الحو.ثي الذي يتربصنا ليلتهمنا بلا رحمة.
بناء على هذا الواقع، يتحتم على حزب الإصلاح مراجعة سياسته كاملة وبسرعة، والعمل بصدق على تدارك الوضع، قبل أن ينفرط الوضع أكثر ويضيعون ونضيع كلنا.
وفي الختام، ما أتمناه هو أن لا تٌفهم كلماتي هذه على أنها هجوم شخصي على حزب الإصلاح، بقدر ما هو تعبير عن الخذلان والألم والوجع الكبير من الحال الذي وصلت له مدينة تعز، رهاني على كل الصادقين داخل حزب الإصلاح للعمل والمحاولة في تغيير هذا الواقع السيء داخل المدينة، أما تلك الأبواق الرخيصة التي لا تجيد سوى النباح، فإن واقعها يدعو للرثاء والشفقة أكثر من أي شيء آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى