افتهان: أن تلدكِ تعز وتموتي برصاص الدولة العميقة

فتحي أبو النصر :

يا أبناء تعز:

هل ما زلتم تبحثون عن القاتل في زحام التصريحات المتضاربة، أم نسيتم أن القاتل لا يحمل كلاشينكوف دائما، بل أحيانا يحمل حتما رسميًطا، أو يكتب منشورا بلهجة حيادية؟

مقالات ذات صلة

فافتهان، لم تكن سوى مرآة صغيرة في وجه مدينة صارت مرآتها مكسورة.

انعكاسا نقيا لوجع قرر أن يتكلم، فذُبح بصمت يُشبه صمت ناطق رسمي في مؤتمر صحفي عاجل لا يقول شيئا.

بل لم تكن افتهان عضوا في تكتل “البيانات الخشبية”، ولا ضمن سرب المناصب الطائرة نحو الرياح الشمالية للمحاصصة.

كانت فقط مواطنة.

تُجيد الخطأ النبيل: الصدق.!

وفي بلادنا، الصدق جريمة، والحقيقة رصاصات صوتية، و”مدنية تعز” صارت شعارا يُرفع في مقرات تُدار من قبو مظلم.

ولقد استُشهدت افتهان، استشهد معها آخر ما تبقى من الإيمان بأن الصراخ يُجدي.

سقطت، فصار سقوطها ورقة تُرمى على طاولة “اللعب بالأحزاب”، كلٌ يرمي بها إلى الآخر:

فرع الإصلاح؟ مؤتمر؟ ناصريون؟ مجلس؟

لا أحد يدين.

الجميع سيراقب النعش حين يمر، ويسأل:

“من التالية؟”

لذلك أيتها المدنية المغتالة:

لقد قُتِلتِ لأنك لم تفهمي قواعد اللعبة: أن تصمتي، أن تطبلي، أن تبتسمي عند مرور مسؤول فاشل.

لكن تعز التي أنجبتك، ستظل مدينة لا تموت، حتى لو انقسمت ألف مرة بين شمال مقاومة وجنوب حسابات.

و يا أبناء تعز:

كُفوا عن الرثاء، فالرثاء أسلوب الجبناء.

افتحوا ملفات الفساد كما كانت تفعل افتهان.

ولتحملوا صورة وجهها لا في الجنازات، بل في مقرات الدولة علّ أحدهم يخجل.

ثم قولوا للسلطة:

“إن السلاح إن لم يكن بيد الدولة، فهو بيد الدولة الأخرى!”

ولتسقط كل تبريرات “الوضع معقد”، فدم افتهان لم يكن معقدا حين سال!

ويا افتهان، يا ابنة تعز البسيطة:

قد تكونين قد غادرت، لكنك صنعت تاريخا من رصاصة، في مدينة كان يمكن أن تكون أجمل

لو أن فيها رجالا بمستوى امرأة.

والى من قالوا إنهم غاضبون؛

إلى نبيل شمسان..

هل يُدار الحُكم من خلف زجاج مُضاد للضمير؟

و هل تُقرأ تقارير الاغتيال بنفس الطريقة التي تُقرأ بها كشوفات العهد المالية والايرادات التي لا تذهب لخزينة الدولة ؟

قل لنا: كم ثمن الصمت الرسمي؟ وكم تكلفة بيان التعزية حين يُكتب في مكتب مكيف بعيدا عن حرائق المدينة؟

وإلى حمود سعيد المخلافي:

أيُّ غضب هذا الذي لا يُترجم أمنا؟

و أيُّ حزن هذا الذي لا يُفضي إلى محاسبة؟

أم أن الحزن صار زينة تُعلق في جدران البيانات، لا في عيون الأمهات الثكالى؟

وإلى كل من زعم الغضب أيضا :

دم افتهان لا يُمسح بالمنشورات.

هو لعنة ستُلاحق كل من ظن أن المدينة ستنسى، وأن الدم يُصفى بالواسطة.

والناس فإن افتِهان لم تذهب.

افتِهان الآن تُراقب فقط!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى