عدنان الحمادي.. شهادة بالدم على سقوط الدولة في تعز

د. إياد اسماعيل عبدالله الحمادي:
قبل ست سنوات، قال الشهيد العميد عدنان الحمادي كلمته الخالدة:
“من يحكم تعز ليسوا رجال دولة، بل عصابة ضد النظام والقانون والدولة المدنية.”
قد تبدو هذه العبارة في ظاهرها صرخة احتجاج، لكنها في جوهرها كانت قراءة مبكرة وعميقة لمستقبل مدينة أنهكتها الحروب الداخلية وصراعات النفوذ. لقد فهم الرجل مبكرًا أن غياب الدولة لا يعني الفراغ فحسب، بل يعني حلول العصابة مكانها، وتحول مؤسسات الدولة إلى أدوات بيد مراكز قوى تبحث عن مصالحها الضيقة.
اليوم، وبعد رحيل الحمادي، نرى بوضوح ما كان يحذر منه:
انهيار الثقة بالمؤسسات الرسمية.
صعود ممارسات الفوضى كبديل عن القانون.
اختطاف القرار السياسي لصالح مجموعات مسلحة متصارعة.
ومعاناة أبناء تعز بين مطرقة الفساد وسندان الحصار.
إن استشهاد الحمادي لم يكن مجرد خسارة عسكرية أو سياسية، بل كان رسالة دامغة بأن كل من يحاول استعادة هيبة الدولة ودورها المدني سيدفع الثمن باهظًا. فدمه الطاهر تحول إلى شاهدٍ حيّ على حجم المؤامرة التي تستهدف تعز، وعلى أن معركة استعادة الدولة ليست مجرد نزاع محلي، بل قضية وجود وهوية.
لقد كان العميد الحمادي يؤمن أن الدولة المدنية ليست شعارًا يُرفع، بل عقدًا اجتماعيًا يؤسس للمواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وكرامة الإنسان. لذلك ظل ثابتًا على مواقفه، مدركًا أن الإصلاح يبدأ من الوعي، وأن التضحية هي الثمن الطبيعي للحرية.
الخاتمة:
تعز اليوم تقف أمام مفترق طرق:
إما الاستسلام لمنطق العصابة، وإما استعادة مشروع الدولة الذي نادى به الحمادي وافتدى روحه في سبيله. والمسؤولية هنا ليست على النخب وحدها، بل على كل حرّ يرى أن دماء الشهداء أمانة في أعناق الأجيال.
فلتكن كلماته نبراسًا، ولتكن شهادته حافزًا لوعيٍ جديد يرفض الفوضى ويرفع راية الدولة المدنية التي حلم بها.