في انتظار الدولة كمن ينتظر تاكسي في خط حرض

موسى أحمد :
عنوان الحلقة
في انتظار الدولة كمن ينتظر تاكسي في خط حرض
من سلسلة جمهورية تحت الانتظار
يُحكى أن مواطنا يمنيا وقف ذات صباح عند دوار الحلم المؤجل يلوح بيده لتاكسي الدولة فمرت عليه سيارات كثيرة
سيارة للمساعدات وأخرى للمشاريع الوهمية وثالثة للمفاوضات القادمة من بعيد لكنه ظل واقفا ينتظر التاكسي الرسمي الذي يحمل شعار نحن مع المواطن حتى آخر قطرة راتب
مرت الساعات والشمس تسلقت السماء ثم نزلت ولا زال المواطن يبتسم ويقول لنفسه
أكيد التاكسي تأخر بسبب زحمة الإنجازات
المشكلة ليست في الانتظار بل في أن الدولة حين تمر تمر مسرعة لا توقفها دمعة أرملة ولا صرخة معلم ولا حتى زغرودة كهرباء عابرة
كل شيء مؤجل في اليمن
الراتب مؤجل
السلام مؤجل
الحرب مجدولة
المفاوضات موسمية تماما كموسم المانجو لكنها بلا طعم ولا ريحة
أما المواطن فهو المشروع الوحيد الذي ينجز كل يوم سحقا وبطالة وهجرة
وفي كل مؤتمر يتقدم أحدهم بخطاب حماسي يقول
نحن على وشك الوصول إلى دولة المؤسسات
فينظر المواطن إلى حذائه المثقوب ويتساءل
متى قبل أن ينتهي الحذاء أم بعد أن ينتهي الوطن
كل شيء هنا يدار بنظام الشحن عند الطلب
كهرباء تشحن
ماء يشحن
كرامة تشحن وتستهلك عند الحاجة
حتى الحلم صار يباع بالتقسيط المريح مع فوائد سياسية طويلة الأمد
وفي ختام الانتظار الطويل يسدل الليل ستاره ويتنهد المواطن قائلا
شكلي برجع أمشي التاكسي هذا مش جاي والدولة مشغولة تشتي توصل لعاصمة ثانية قبل ما توصل لي.
الرسالة
ليست السخرية هنا إلا صرخة عاقلة في وجه واقع اختنق من الجدية وبات بحاجة لمن يضحك عليه لا لأن الأمر مضحك بل لأن البكاء صار ترفا لا نملكه.
وفي الختام
في جمهورية تحت الانتظار لا نملك سوى الانتظار أما الأمل فقد أدرج ضمن قائمة المواد المنقطعة
دمتم بخير ووعي وابتسامة.