شهيد البراءة.. حسين عبدالرحمن الصوفي

جبران الصوفي:
في يومٍ أسود من أيام تعز، حين دوّى الرصاص في شوارعها واغتيلت الشهيدة افتهان المشهري بدمٍ بارد، لم يكن أحد يتخيّل أن رصاصة الغدر ستصيب أيضًا زهرةً في مقتبل عمره، طالب الهندسة حسين عبدالرحمن الصوفي، وهو في طريقه إلى جامعته، يحمل أحلامه البسيطة ودفاتره المليئة بالأمل.
حسين لم يكن طرفًا في الصراع، ولم يكن شاهدًا على جريمة سوى أنه كان يمر من هناك صدفةً، في مدينة باتت الصدفة فيها كفيلة بأن تضع الإنسان بين الحياة والموت.
رصاصة واحدة — بلا رحمة — اخترقت رأسه، فسقط شهيدًا في شارعٍ كان من المفترض أن يقوده إلى المستقبل، لا إلى المقبرة.
كان حسين شابًا مهذبًا، طموحًا، يزرع البسمة في وجوه من حوله. عرفه أصدقاؤه بخلقه وهدوئه، وبحلمه أن يكون مهندسًا يبني ما تهدمه الحرب. لكنّ الحرب، كعادتها، لا تبني شيئًا.. بل تهدم الأحلام وتخطف الأمل من عيون الشباب.
رحل حسين، وترك خلفه غصّةً لا تزول، وجرحًا في قلب أسرته ورفاقه لا يندمل. رحل ضحيةً للعبث، شاهدًا جديدًا على أن المدنيين في تعز يُقتلون مرتين: مرة بالرصاص، ومرة بالنسيان.
سلامٌ على روحك الطاهرة يا حسين، وعلى كل من رحلوا بلا ذنب سوى أنهم أحبوا الحياة في زمنٍ يحتقرها.
ستبقى ذكراك حاضرة، تُذكّرنا أن العدالة الغائبة ليست نهاية القصة، بل بدايتها — وأن صوت الحق لا يموت، ولو أُخرِسَ بالرصاص.