محاولة للتفكير بوضع تعز باستعارة ذهنية الأخر

وسام محمد:
أحيانا الواحد يحتاج يستعير ذهنية الطرف الأخر ليعرف كيف يفكر، خاصة اذا كانت لديه وجهة نظر لا يقبلها المنطق ولا يقبلها الواقع. لماذا يبدون هذا التصلب ازاء مطالب عادلة وتحقيقها ليس صعبا؟
اليكم محاولتي في الاجابة:
- هم لا يشعرون بخطورة عدم القبض على القتلة، لأنهم لن يتعرضوا لأذى. لديهم علاقات وصداقات مع القادة العسكرين والامنين الظاهرين والمخفيين، وباتصال واحد اذا ما حدث لهم شيء سيقلبون تعز راسا على عقب.
معظم المتهمين بارتكاب جرائم، هم شجعان في الحقيقة ويقومون بأدوار بطولية في الجبهات. واذا رفع الغطاء عنهم، وقبض عليهم سوف يحدث خلل في الجبهات يترائ لهم بأنه سيكون من الصعب تعويضه. لأن هؤلاء المجرمون ومجاميعهم أصبحت الجبهات بالنسبة لهم بيت وصمودهم لا يتأثر بتوفر دعم من عدمه، لديهم طرقهم في تمويل انفسهم.
هؤلاء المجرمون هم السلاح الاحتياطي الذي يصبح من السهل توجيهه ضد أي خصم او منافس. لا يترددون عندما تصدر لهم الأوامر وليس لديهم أي معايير اخلاقية للتدقيق والتساؤل حول شرعية أي مهام من عدمها. أستخدموا في السابق، وادوا خدمات كبيرة والتخلي عنهم سيكون بمثابة تنكر لمعروفهم، وايضا قد يؤدي لتسرب كثير من الحقائق وانكشاف قيادات في أعلى الهرم. (عندما قبض على مجموعة أمجد خالد خرج يهدد قيادات حزب الاصلاح بكشف المستور، ومحمد صادق رغم انه عشريني سجل مقطع وورط أخرين).
ثمة علاقات شخصية واسرية تربط بين هؤلاء المتهمون بارتكاب جرائم وبين قيادات سياسية وعسكرية. وبلادنا تمشي بالعلاقات والصداقات. يعني رشاد العليمي بجلالة قدره يدعم قائد قوات الأمن الخاصة جميل عقلان دعم سخي، وهي قوات بلا مهام واضح، ويترك الجبهات في تعز بلا دعم، فقط لان جميل عقلان من اصدقائه القدامى. حتى في موضوع الضغط لتسليم المنازل يضغط العليمي لأن لديه اصدقاء منازلهم محتلة وهؤلاء لا يتوقفون عن الزن عليه من أجل استعادة منازلهم.
معظم المطلوبين أمنيا، أصبحوا يديروا استثمارات، وهذه الاستثمارات تعد مصدر أساسي للحصول على الاموال التي يتم تخصيص جزء كبير منها للقادة العسكريين وحتى للجبهات.
لا وجود لضغط دولي من أجل تسليم المطلوبين، لهذا يعتقدون بأن ثمة فسحة للمناورة. وهذا جوهر الخطأ، أن تراعي مطالب الخارج وتهمل ناسك وحاضنتك ومصدر قوتك.
طبعا هذه العقلية ولا عمرها بتحرر بلاد او بتستعيد جمهورية او حتى بتحافظ على رصيد نضالي او على جيش. هذه عقلية غير سياسية، ولا تنظر للعواقب. ونعرف من المسلسلات التلفزيونية ومن التاريخ ومن الواقع كيف تكون نهاية عقلية الشر هذه. لست معاديا لأحد وأحاول قدر المستطاع عدم الاضرار بأي حد. لكن لو اغلق ملف المطلوبين أمنيا، ولم يعالج هذا الوضع، أقسم لكم أن تعز ومقاومتها وتضحياتها وكل احلام الناس فيها، ستغرق في الدم. ربما الوضع يحتاج الى تفكيك بهدوء لكن الناس تحتاج الى اشارات تطمين، تحتاج ان تلمس ان هناك توجه مختلف عما ساد طوال السنوات الماضية، تحتاج ان تشعر أن هناك من يأخذ ضعفهم وقلة حيلتهم على محمل المسئولية، أن تتأكد ان هناك من يسعى لاصلاح الخلل وليس استمرار الدفاع عنه وكأنه المسار الوحيد الصحيح.