الحناء تخضب قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي

رواها 360:
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أنها ستنظر، خلال شهر ديسمبر المقبل، في ترشيح الحناء لإدراجها ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
تُعد الحناء جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي في الدول العربية والشرق الأوسط، حيث ارتبطت بالمرأة عبر العصور، واستُخدمت في المناسبات الاجتماعية كالأعياد وحفلات الزفاف. يُمارَس هذا التقليد بتميز في دول الخليج، العراق وشمال أفريقيا، حيث يُعتبر عنصرا أساسيا من الهوية الثقافية. كما تحظى الحناء بشعبية بين السائحات الأجنبيات اللواتي يُقبلن على نقشها كجزء من تجربة ثقافية فريدة.
يرى البعض أن الحناء تمتلك قوى رمزية تُساعد في الحماية من العين الشريرة والمصائر السيئة، خصوصا عند تضمين تصميماتها أشكالا مثل “همسة اليد”، والعين، والأشكال الهندسية. ومن المعتقدات الأخرى أن الحناء تُقوّي اليدين والقدمين، وتجلب الخير والخصوبة، وتسهل الولادة، وتُبعد الأمراض والمصائب. ولا تزال هذه المعتقدات متجذرة في العديد من المناطق، خاصة في المغرب، حيث برزت حرفة نقش الحناء كفن تقليدي متوارث.
ستقوم لجنة صون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو بدراسة ملف ترشيح الحناء المُقدم من 16 دولة عربية، بما في ذلك المغرب، تحت عنوان “الحناء: الطقوس والممارسات الجمالية والاجتماعية“. ستتم مناقشة هذا الملف خلال الدورة التاسعة عشرة للجنة، المقرر انعقادها بين الثاني والسابع من ديسمبر المقبل في أسونسيون، باراغواي.

ووفقا للملف، برزت فكرة الترشيح خلال موسم طانطان في المغرب عام 2019، حيث أبدت منظمات المجتمع المدني رغبة قوية في إدراج الحناء ضمن قائمة التراث العالمي، باعتبارها ممارسة منتشرة بين مختلف الفئات العمرية والخلفيات الثقافية.
تعود استخدامات الحناء إلى الحضارات القديمة، حيث استخدمها الفراعنة لأغراض تجميلية مثل تخضيب الأيدي وصبغ الشعر، بالإضافة إلى علاج الجروح. عُثر على العديد من المومياوات التي تظهر عليها آثار الحناء، مما يعكس أهميتها الثقافية والدينية في ذلك الوقت. كما استُخرج منها عطر كان يُستخدم في المناسبات المختلفة.
في العصر الحالي، تحولت الحناء إلى رمز للإبداع والجمال، حيث تُستخدم تصاميم عصرية تمزج بين التقليدي والحديث. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ازدهرت تجارة الحناء، وأصبحت عنصرا بارزا في المناسبات الاجتماعية مثل حفلات التخرج وأعياد الميلاد.
وتصف السيدة الإماراتية أم منصور ذكريات طفولتها المرتبطة بالحناء، حيث كانت ليلة العيد لا تكتمل بدونها. وتشير إلى أن ليلة الحناء للعروس لا تزال تُعد من أبرز طقوس حفلات الزفاف، حيث تتزين العروس وأفراد أسرتها بأجمل النقوش. رغم التطورات في تصاميم الحناء، إلا أن جوهر هذا التقليد ظل كما هو، مع إضافات عصرية تُضفي لمسة مميزة.
وتستقطب الحناء السائحات من جميع أنحاء العالم، إذ تُتاح لهن فرصة تجربة هذا الفن التقليدي، حيث تتواجد في المدن السياحية العربية نساء يحملن في أيديهن صورا لنقش الحناء على شكل “كاتالوغ”، وباليد الأخرى علبة حناء جاهزة مع معداتها، وما إن تمر سائحة من جانبهن حتى يعرضن عليها بعض النقوش من الحناء.

تقول السائحة البريطانية لور ديفس إنها تفضل الحناء على الوشم بسبب طبيعتها الآمنة وسهولة التخلص منها. كما عبرت السائحة الفرنسية جوزيه دانيون عن إعجابها بتجربتها الأولى مع نقش الحناء، واصفة إياها بأنها عمل فني يُبرز جمال الثقافة العربية.
تعلمت الشيلية أناهي مونداكا فن نقش الحناء في المغرب، لتعيد نقله إلى وطنها في أميركا الجنوبية، قالت “بفضل دراستي لفن النقش، اكتشفت تنوعا كبيرا من الأساليب”، وأضافت “تعلمت النقش بالحناء على أيدي نقاشات مغربيات محترفات”، مشيرة إلى علاقتها المميزة مع سيدة مغربية تدعى خديجة، التي ساعدتها في إتقان تقنية “النقش بالإبرة”، التي تصفها بأنها “سريعة ودقيقة للغاية.”
وقالت “سافرت إلى عدة دول مثل المغرب وتركيا وإيران، لتوسيع معرفتي بأساليب النقش المختلفة.”
وختمت حديثها قائلة “اليوم، أصبح نقش الحناء يحظى بشعبية كبيرة في سانتياغو، حيث يستقبل صالوني أعدادا متزايدة من الزبائن والزوار الذين يُبهرهم هذا الفن العريق.. هذا الفن التقليدي أصبح جزءا من حياة الناس هنا.”
والحناء ليست مجرد زينة أو صبغة طبيعية، بل هي لغة ثقافية تجسد الجمال والإبداع، وتربط الماضي بالحاضر. إدراجها في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو سيبرز مكانتها العالمية، ويعزز من قيمتها كجزء من التراث الإنساني المشترك.



العرب
https://twitter.com/UNESCOarabic?t=6VxTtag70qxPRojba1cafQ&s=09