ما بعد بارسا إنتر: حين تتحدث التفاصيل

عصام الشوالي
رواها 360:
على أرضية “مونتجويك” التي استعادت صخب لياليها الأوروبية، لم تكن مواجهة برشلونة وإنتر ميلان مجرد محطة عابرة في طريق نصف نهائي الأبطال ، بل كانت لوحة تكتيكية مُفعمة بالتوتر، رسمت معالمها العقول قبل الأقدام. في مباراة تجمّعت فيها النوايا النبيلة والرهانات الثقيلة، خرجت الكرة عن حدود الجماليات المعتادة، لتغرق في التفاصيل التي صنعت الفرق.
برشلونة دخل اللقاء بروح جديدة، يقوده هانزي فليك بحماس المدرب الطموح وشجاعة من لا يخاف التجربة. الفريق ظهر متحرّكاً، سريعاً، مع رغبة واضحة في صناعة الفرصة لا انتظارها. كانت الرغبة صادقة، لكن الطموح اصطدم أكثر من مرة بجدار إيطالي يعرف كيف يدافع عن المساحة وكأنها شرف لا يُمسّ. الهجوم الكتالوني خلق التهديدات، لكنه افتقد اللمسة الأخيرة، وسط انضباط تكتيكي صارم من خط دفاع إنتر.
من جهته، دخل إنتر اللقاء بثقة من يعرف قدره. الفريق لم يبحث عن الاستعراض، بل عن الضربة الذكية. حافظ على توازنه، وضرب في العمق حين لاحت الفرصة. لاعبوه نفّذوا تعليمات إنزاغي بتركيز جراحي، فكانوا أقرب لمهمة استخباراتية منها إلى مباراة كرة قدم، يترقبون، يناورون، ثم يضربون.
الحوار لم يكن فقط بين لاعبين بل بين فلسفتين. هانزي فليك أصر على فرض أسلوبه، حتى وإن بدا مخاطراً أحياناً، مؤمناً بأن الطريق نحو المجد لا يُفرَش بالتحفظ. أما سيموني إنزاغي، فقد راقب من مقعده كمن يقرأ كتاباً سبق أن حفظ سطوره، وغيّر في تفاصيله فقط حيث لزم الأمر.
حين أطلق الحكم صافرة النهاية، لم يكن هناك منتصر واضح في العيون، بل شعور جماعي بأن ما رأيناه كان فصلاً أول من رواية مشوّقة و ممتعة ، فصلٌ سيكون له امتداد، وربما نهاية لا تُكتب إلا في لحظة لا يتوقعها أحد. في هذا اللقاء، لم تُحسم البطاقة، لكنها بالتأكيد وُقّعت ببصمات الحذر والشجاعة والتكتيك المحض.
#شواليات