اليمن… بين لعنة الفساد وفرصة الإنقاذ، ليس من أجل العليمي ولكن من أجلك ياوطن

د. أمين عبدالخالق العليمي:

ليس هناك ما هو أشد مرارة من أن ترى بلاداً دمرتها الحروب تنهض، فيما تبقى أرضك تدور في فلك الفوضى والعبث، الصومال لقد هالني وصدمني فيديوا شاهدته الان بعد صلاة العشاء في يومنا هذا الخامس عشر من رمضان 1446هجريه حول الصومال وتطورها، التي قيل يوماً إنها دولة فاشلة، استعادت أنفاسها، شقت طريقها نحو البناء، وتركت خلفها رماد المعارك،
أما اليمن، الأرض التي كانت يوماً منارةً للحضارة، فتُركت رهينةً لتجار الخراب، يقتاتون على معاناة شعبها، ويتلذذون بإطالة أمد الفوضى، والحسابه بتحسب والعداد بيعد.

لعبة المصالح… وأوهام الثورات

هناك فئةٌ لم يكن يعنيها الوطن يوماً، بل كان يعنيها ما يدخل في جيوبها، كلما اقتربت البلاد من نقطة تحول، أشعلوا الفتن، وحركوا الشوارع، ودغدغوا مشاعر البسطاء بشعارات الوطنية والجوع، وكأنهم ملائكة الرحمة الذين يخافون على هذا الشعب أكثر من نفسه! يعبثون بمصير البلاد، فيما حساباتهم تنتفخ بالأموال، يتحدثون عن الثورة وهم في قصورهم، يذرفون الدموع على الفقراء وهم أول من نهب حقوقهم، يطالبون بإسقاط الفساد وهم رؤوسه وأعمدته.

إنهم يبيعون الأوهام لمن لا يملك الوعي الكافي ليدرك أن اللعبة كلها ليست سوى إعادة تدوير لنفس المأساة، وأنه في كل مرة يخرج فيها المخدوعون إلى الشارع، تكون صفقاتهم قد أُبرمت، وأموالهم قد دخلت حساباتهم، وكالعادة، تنتهي المسرحية، ويعود أولئك إلى بيوتهم الفاخرة، بينما يبقى البسطاء في الشوارع، يرقصون بلا موسيقى، تماماً كمغنيٍّ يغني بجانب أصنج، أنهى لحنه ورحل، فيما لا يزال الاصنج يلوّح بيديه في الهواء ويرقص وقد الناس روحوا!

هاقد جانا من قلب العاصفة رجل في وجه العاصفة، وسط هذا الخراب، أرسل الله لهذا الوطن رجلاً كفؤاً، لم يكن جزءاً من صفقات العبث، ولم يكن ممن يقتاتون على بؤس الشعب، الرئيس رشاد العليمي لم يأتِ ليُتاجر بالشعارات، ولم يرفع راية الخداع، بل جاء ليبني وسط الركام، ويصلح ما أفسدته سنوات الفوضى، لكنه لم يُترك ليعمل، فالمؤامرات لم تهدأ، والسهام لم تتوقف، والضغوط تحيط به من كل اتجاه، يريدون أن يفشل، لأن نجاحه يعني انتهاء موسم حصادهم القذر، وسقوط أقنعتهم التي طالما خدعوا بها الناس.

هو اليوم في معركة ليس فقط ضد الفساد، بل ضد ماكينة ضخمة من التضليل، ضد نخبة إعلام الدفع المسبق، الذين يبيعون الوهم في علبٍ مزخرفة، ويزينون للناس الخراب وكأنه قدرٌ لا مهرب منه.

فبين مسؤولية الوعي وفرصة الخلاص، البلاد لا تحتاج إلى مزيد من الفوضى، ولا إلى شعارات جوفاء تبرر استمرار الكارثة، اليمن بحاجة إلى وعيٍ جديد، إلى إدراك أن الأوطان لا تُبنى بالصراخ في الشوارع، ولا بتكرار تجارب لم تنتج سوى المزيد من الخراب.

هذا وقت الإدراك الحقيقي بأن الفرصة لا تأتي كل يوم، وأن التفريط بها يعني المزيد من التيه والضياع، فخامة الرئيس رشاد العليمي ليس ساحراً، ولا يحمل عصيً سحرية، لكنه رجل دولة، يملك الإرادة والمعرفة والخبرة، وإذا أُتيحت له الفرصة الحقيقية، فإنه قادرٌ على قيادة السفينة إلى بر الأمان.

لكن، هل يعي الشعب ذلك؟ أم سيظل البعض أسير الشعارات، يحركه من لا يرى في الوطن سوى بقرةٍ حلوب، يحلبها صباحاً ويشعل فيها النار مساءً؟

اليمن أمام خيارين: إما أن يمنح لهذا الرجل فرصةً حقيقية، أو أن يبقى يدور في نفس الدائرة، حيث لا نهاية للعبث، ولا قرار للضياع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى