الضحكة ما قبل الأخيرة

كتب مصطفى ناجي الجبزي:
“معذرةً! توخوا الحذر للفارق بين الباب والرصيف عند النزول!”
انتهيت الرسالة الصوتية الالية عند كل محطة.
توقف المترو، وفُتِح الباب. اندفعا وجلسا عند اول كرسيين.
تنهدت المرأة ووضعت رأسها على كتفه. واغمضت عينيها برهة. وجه صافٍ بلا مجملات ولا مساحيق. بعض تجاعيد الأربعين في حافة العين. لا إرهاق الحمى ولا هالات السهر.
اما هو فكان يميل إلى السمنة . رأسه يجاور رأسها وعيناها تحلقان في البعيد .
ثم، وبحيوية، رفعَت رأسها والتفتت نحوه متوسلةً:
ها قد هدأتُ الان. قل لي الحقيقة! الحقيقة لا غير!
يجلس إلى جوارها. ويداه في جيبي سترته الشتوية اللامعة. ينظر اليها بصمت وجمود. عيناه تقولان ولا تقولان.
تمسك في يديها عند ركبتها المكتنزة كيساً بلاستيكيا عامراً بعلب الادوية الكرتونية. مكعبات براقة تبث السكينة وتحوى الاكاسير. اردَفتْ : لا تقلق، اصبحت الان مطمأنة فقل لي الصدق.
تسمّر الرجل وانفرجت من شفتيه ابتسامة شاقة.
كيف يخبرها بالحقيقة؟
واية حقيقة؟
كان وجهه المصمت المخدد يشي بالبله والخبول. أمن الصدمة ام من الخبر الصادم؟!
هل كان يعض بين اسنانه على خبر لا يطاق؟ هل يكتم عنها انها تعيش آخر لحظاتها وان المرض قد تمكّن منها؟ هل كان يخفي عنها شيئاً خطيراً.؟
اتسعت ابتسامته ومد يده نحو وجهها وبسبباته شرع في دغدغتها وإضحاكها وضحكا معاً كما لو أنهما عاشقين مراهقين.
من صفحة الكاتب على فيسبوك
https://www.facebook.com/mustafa.naji.33
لمتابعة مقالات الأستاذ والمحلل السياسي مصطفى ناجي الجبزي اضغط الوسم أدناه:
